responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1257
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] وَنَحْوُهُ، وَفِيهِ أَبْلَغُ الرَّدِّ لِقَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَوْلَى عَلَيْكُمُ السَّلَامُ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ، مَعَ ظُهُورِ بُطْلَانِ تَعْلِيلِهِمْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ مِنْ حَيْثُ الْخِطَابِ بَيْنَ تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لِلْخِطَابِ مُطْلَقًا، لِمَا سَبَقَ مِنَ الْحَدِيثِ: " «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» "، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ عَلَيْكَ السَّلَامُ: " أَنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ " تَحِيَّةُ الْمَوْتَى إِخْبَارٌ عَنْ عَادَتِهِمُ السَّابِقَةِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْمَوْتَى كُفَّارُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَيْ تَحِيَّةُ مَوْتَى الْقُلُوبِ، فَلَا تَفْعَلُوهُ (أَهْلَ الدِّيَارِ) بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بِيَاءِ النِّدَاءِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: نَصْبُهُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَفْصَحُ، وَبِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: سَمَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْضِعَ الْقُبُورِ دَارًا لِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهِ كَالْأَحْيَاءِ فِي الدِّيَارِ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بَيَانٌ لِأَهْلِ الدِّيَارِ (وَالْمُسْلِمِينَ) ذَكَرَهُ لِلتَّأْكِيدِ بِاعْتِبَارِ تَغَايُرِ الْوَصْفَيْنِ، أَوِ الْمُرَادُ بِـ " الْمُسْلِمِينَ " الْمُخْلِصِينَ لِوَجْهِهِ - تَعَالَى - " إِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ وَفِي نُسْخَةٍ: لَاحِقُونَ، قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - وَقِيلَ: " إِنْ " شَرْطِيَّةٌ، وَمَعْنَاهُ: لَاحِقُونَ بِكُمْ فِي الْمُوَافَاةِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: هُوَ لِلتَّبَرُّكِ وَالتَّفْوِيضِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وَقِيلَ: لِلتَّأَدُّبِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، اسْتَثْنَى اللَّهُ - تَعَالَى - فِيمَا يَعْلَمُ لِيَسْتَثْنِيَ الْخَلْقُ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا - إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24] ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَقِيلَ: التَّعْلِيقُ بِاعْتِبَارِ اللُّحُوقِ بِخُصُوصِ أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ) أَيِ الْخَلَاصَ مِنَ الْمَكَارِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهِ اهـ زَادَ ابْنُ مَاجَهْ: وَإِنَّا بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمُ اهـ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ: أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ، وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ قُبَالَةَ وَجْهِ الْمَيِّتِ قَبْلَ جُلُوسِهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ.

الْفَصْلُ الثَّانِي
1765 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(الْفَصْلُ الثَّانِي)
1765 - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبُورٍ بِالْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي حَالِ السَّلَامِ عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ لِوَجْهِ الْمَيِّتِ، وَأَنْ يَسْتَمِرَّ كَذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ عَمَلُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ: مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ عِنْدَنَا أَنَّهُ حَالَةَ الدُّعَاءِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، كَمَا عُلِمَ مِنْ أَحَادِيثَ أُخَرَ فِي مُطْلَقِ الدُّعَاءِ، اهـ وَفِيهِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَوَاضِعِ الدُّعَاءِ وَقَعَ اسْتِقْبَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مِنْهَا مَا نَحْنُ فِيهِ، وَمِنْهَا حَالَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ، وَخُرُوجُهُ، وَحَالُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَقْتَصِرَ الِاسْتِقْبَالُ وَعَدَمُهُ عَلَى الْمَوْرِدِ إِنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَخَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ بَعْدَ الزِّيَارَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلْأَدْعِيَةِ فَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ لَا مَسْطُورَ فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ (بِوَجْهِهِ) . قَالَ الْمُظْهِرُ: وَاعْلَمْ أَنَّ زِيَارَةَ الْمَيِّتِ كَزِيَارَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، يَسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحَيَاةِ إِذَا زَارَهُ يَجْلِسُ مِنْهُ عَلَى الْبُعْدِ لِكَوْنِهِ عَظِيمَ الْقَدْرِ فَكَذَلِكَ فِي زِيَارَاتِهِ يَقِفُ، أَوْ يَجْلِسُ عَلَى الْبُعْدِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَجْلِسُ مِنْهُ عَلَى الْقُرْبِ فِي حَيَاتِهِ، كَذَلِكَ يَجْلِسُ بِقُرْبِهِ إِذَا زَارَهُ اهـ وَإِذَا زَارَهُ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَدْعُو لَهُ، وَلَا يَمْسَحْهُ وَلَا يُقَبِّلْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ قَبْرِ الْوَالِدَيْنِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست