responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1040
يُجْزِئُ إِجْمَاعًا، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُبْطِلُهُ طُرُوُّ حَدَثٍ إِجْمَاعًا؛ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ مَذْهَبَنَا الصَّحِيحَ، ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِالِاغْتِسَالِ، وَحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ، يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ مَالِكٍ مَعَ صَرِيحِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، لَكِنْ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَقَالُوا بِكَرَاهَةِ تَرْكِهَا لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ، بَلْ صَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا أَيْ: فَبِالرُّخْصَةِ أَخَذَ وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ. وَكَوْنُ حَدِيثِ الْوُجُوبِ أَصَحَّ لَا يَمْنَعُ حَمْلَهُ عَلَى تَأْكِيدِ النَّدْبِ بِقَرِينِةِ هَذَا الْحَدِيثِ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَإِنْ لَمْ تَتَقَاوَمْ فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ بَعْضِهَا. وَفِي الْبُخَارِيِّ: إِنْ عُثْمَانَ تَأَخَّرَ فَجَاءَ وَعُمَرُ يَخْطُبُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ شُغْلٌ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأَ وَحَضَرَ، فَقَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا اهـ.
وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَعْتَقِدَانِ سُنِّيَّةَ الْغُسْلِ أَوْ وُجُوبَهُ، لَكِنْ جَوَّزَا تَرْكَهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِنْ ضِيقِ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْعَوْدِ لِلْغُسْلِ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، فَهُوَ أَمْرٌ غَرِيبٌ وَاسْتِدْلَالٌ عَجِيبٌ، فَإِنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدِ اعْتَذَرَ عَنِ التَّأَخُّرِ وَتَرْكِ الْغُسْلِ بِالشُّغْلِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَفَاتَهُ وَقْتُ التَّدَارُكِ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِالْعُودِ لِلْغُسْلِ الْمُؤَدِّى إِلَى تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا؟ ! عَلَى أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غَيْرُ مُشَرِّعٍ فَلَا يَدُلُّ عَدَمُ أَمْرِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ. (وَلْيَمَسَّ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَيُسَكَّنُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: عَطْفٌ عَلَى مَا سَبَقَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى ; إِذْ فِيهِ سِمَةُ الْأَمْرِ أَيْ: لِيَغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ (أَحَدُهُمْ) أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْعُدُولَ عَنْهُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى الْفَرْقِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ أُكِّدَ، أَوْ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَحْصُلُ لِكُلِّ أَحَدٍ (مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ) أَيْ بِشَرْطِ طِيبِ أَهْلِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» ، أَوْ مِنْ طِيبٍ لَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ، أَوْ مِنْ جِنْسِ طِيبِ أَهْلِهِ، لَا مِنْ نَوْعِهِ ; فَإِنَّ الرَّجُلَ مَمْنُوعٌ مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ، وَهُوَ مَا لَهُ لَوْنٌ ( «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَيَّ طِيبٍ فَالْمَاءُ لَهُ طِيبٌ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَطْيَبَ» ) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلِذَا وَرَدَ: الْمَاءُ طِيبُ الْفُقَرَاءِ. يَعْنِي: طِيبَ مَنْ لَا طِيبَ لَهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّيبِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الطِّيبُ فَالْمَاءُ كَافٍ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْظِيفُ وَإِزَالَةُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَفِيهِ تَطْيِيبٌ لِخَاطِرِ الْمَسَاكِينِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى مَا لَا يُدْرَكُ كُلُّهُ لَا يُتْرَكُ كُلُّهُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) . وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي أَصْلِ ابْنِ حَجَرٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَغَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ.

[بَابُ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ]
" الْفَصْلُ الْأَوَّلُ "
1401 - (عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[45]- بَابُ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ
أَيْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَصَلَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِصِفَاتِهَا، وَكَمَالَاتِهِمَا، وَبَيَانِ أَوْقَاتِهِمَا.
" الْفَصْلُ الْأَوَّلُ "
1401 - (عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ) أَيْ: إِلَى الْغُرُوبِ، وَتَزُولُ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا يَعْنِي: بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوَالِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ يَزِيدُ عَلَى الزَّوَالِ مَزِيدًا يُحِسُّ مَيَلَانَهَا أَيْ: كَانَ يُصَلِّي وَقْتَ الِاخْتِيَارِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِلْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَارِجِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُبَادِرُ بِهَا عَقِبَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَأَنَّ وَقْتَهَا لَا يَدْخُلُ إِلَّا بَعْدَ وَقْتِ الزَّوَالِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ ; فَإِنَّهُ أَجَازَهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُمْشَى فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِ الظِّلَّ، بَلِ الظِّلَّ الَّذِي يُسْتَظَلُّ بِهِ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: نَتَّبِعُ الْفَيْءَ، وَعَلَى التَّنْزِيلِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى شِدَّةِ التَّعْجِيلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . قَالَ مِيرَكُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ:. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ الْحَدِيثَ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيدَانَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ: شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَكَانَ خُطْبَتُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ. وَذَكَرَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ نَحْوَهُ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ وَلَا أَنْكَرَهُ، فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ ابْنِ سِيدَانَ.

1402 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا كُنَّا نُقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1402 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا كُنَّا نَقِيلُ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ: مَا كُنَّا نَفْعَلُ الْقَيْلُولَةَ، وَهِيَ الِاسْتِرَاحَةُ بِنَوْمٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْقَيْلُولَةُ وَالْمَقِيلُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الِاسْتِرَاحَةُ نِصْفَ النَّهَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ ذَلِكَ نَوْمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] وَالْجَنَّةُ لَا نَوْمَ فِيهَا. (وَلَا نَتَغَدَّى) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ أَوَّلَ النَّهَارِ. (إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ) أَيْ: بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاتِهَا قَالَ الطِّيبِيُّ: هُمَا كِنَايَتَانِ عَنِ التَّكْبِيرِ أَيْ: لَا يَتَغَدَّوْنَ، وَلَا يَسْتَرِيحُونَ، وَلَا يَشْتَغِلُونَ بِمُهِمٍّ، وَلَا يَهْتَمُّونَ بِأَمْرٍ سِوَاهُ اهـ.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ عِوِضًا عَمَّا فَاتَهُمْ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقَعُ تَغَدِّيهِمْ، وَمَقِيلُهُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَقِيقَةً لِيَلْزَمَ وُقُوعُ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَيَكُونَ حُجَّةً لِأَحْمَدَ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَفِيهِ رَدٌّ لِأَحْمَدَ ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا الْغَدَاءَ، وَلَا، لَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَاسْتِدْلَالٌ عَجِيبٌ، وَاسْتِنْبَاطٌ غَرِيبٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِمَعْنَاهُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1040
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست