responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1033
الْخُطْبَةِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] فَهَذِهِ هِيَ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ، بَلِ السُّنَّةُ الْمُسْتَحْسَنَةُ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ حَسَنٌ. وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ زُبْدَتُهُمْ وَعُمْدَتُهُمْ، وَهُمُ الْعُلَمَاءُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، الْأَتْقِيَاءُ عَنِ الْحَرَامِ وَالشُّبْهَةِ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
ثُمَّ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِعُنْوَانِ الْبَابُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى التَّبْكِيرِ، حَتَّى لَا تُفُوتَهُ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ، أَوْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، أَوْ لَا يَحْتَاجَ إِلَى قَوْلِهِ: (أَفْسِحُوا) ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ وَجْهَ مُنَاسَبَتِهِ أَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ إِلَى الْكَلَامِ حَالَةَ الْخُطْبَةِ، فَبَيَّنَ لَهُ حُكْمَهُ، فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ إِذْ يَسْتَوِي فِي هَذَا الْحُكْمِ الْمُبَكِّرُ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1386 - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يُخَالِفُ إِلَى مَقْعَدِهِ، فَيَقْعُدَ فِيهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ: افْسَحُوا» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1386 - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ " أَيْ: مِنْ مَقْعَدِهِ " ثُمَّ يُخَالِفُ» ") بِالرَّفْعِ، وَقِيلَ بِالْجَزْمِ أَيْ: يَقْعُدُ وَيَذْهَبُ (" إِلَى مَقْعَدِهِ ") أَيْ: إِلَى مَوْضِعِ قُعُودِهِ (" فَيَقْعُدَ فِيهِ ") قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُخَالَفَةُ: أَنْ يُقِيمَ صَاحِبَهُ مِنْ مَقَامِهِ فَيُخَالِفَ فَيَنْتَهِيَ إِلَى مَقْعَدِهِ فَيَقْعُدَ فِيهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] وَفِيهِ إِدْمَاجٌ وَزَجْرٌ لِلْمُتَكَبِّرِينَ أَيْ: كَيْفَ تُقِيمُ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ وَهُوَ مِثْلُكُ فِي الدِّينِ، وَلَا مَزِيَّةَ لَكَ عَلَيْهِ؟ ! زَادَ ابْنُ حَجَرٍ: فَيَحْرُمُ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَا الْجَالِسِ رِضًا حَقِيقِيًّا، لَا عَنْ خَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ، وَإِنْ بَعَثَهُ لِيَأْخُذَ لَهُ مَقْعَدًا قَبْلَ الزَّحْمَةِ ; لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ وَنَحْوَهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِالْبَعْثِ، بَلِ الْمَبْعُوثُ أَحَقُّ بِمَا جَلَسَ فِيهِ لِسَبْقِهِ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ نَاوِيًا أَنَّهُ لِمُرْسِلِهِ، بَلْ يُكْرَهُ الْقِيَامُ لَهُ سُنَّةً، وَإِيثَارُهُ بِهِ إِنْ كَانَ مَنْ يَقُومُ لَهُ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْفَضِيلَةِ لِكَوْنِهِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَيَتَنَحَّى لَهُ أَيِ الثَّانِي ; لِأَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ بِلَا عُذْرٍ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِيثَارُ فِي حُظُوظِ النَّفْسِ، كَمَا بَيَّنَهُ قَوْلُهُ: {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] اهـ.
وَمِنَ اللَّطَائِفِ أَنَّ خَدَمَةَ بَعْضِ الظَّلَمَةِ دَخَلُوا جَامِعًا، فَأَقَامُوا الْفُقَرَاءَ وَبَعَثُوا سَجَاجِيدَهُمْ، وَدَفَعُوهُمْ، وَضَرَبُوهُمْ، فَقِيلَ لِعَارِفٍ هُنَاكَ: أَمَا تَرَى يَا مَوْلَانَا ظُلْمَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَذَا حَالُ عِبَادَتِهِمْ، فَقِسْ حَالَ ظُلْمِهِمْ وَمَعْصِيَتِهِمْ. (" وَلَكِنْ يَقُولُ ") أَيْ: أَحَدُكُمْ لِلْقَاعِدِينَ (" أَفْسِحُوا ") : وَفِي رِوَايَةٍ: تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا فَإِنْ زَادَ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ، أَوْ يُفْسِحِ اللَّهُ لَكُمْ، كَمَا أَشَارَتْ إِلَيْهِ آيَتُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة: 11] ، لَكِنْ هَذَا إِذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلًا لِلتَّوَسُّعِ وَإِلَّا فَلَا يُضَيِّقْ عَلَى أَحَدٍ، بَلْ يُصَلِّي وَلَوْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْحَثِّ عَلَى التَّبْكِيرِ، لِئَلَّا يَقَعَ فِيمَا يَجِبُ عَنْهُ التَّحْذِيرُ مِنْ قِيَامِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَمِنَ الْكَلَامِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ: {فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة: 11] .

الْفَصْلُ الثَّانِي
1387 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي.
1387 - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ") : وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَاسْتَنَّ أَيِ اسْتَاكَ (" وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ ") قَالَ الطِّيبِيُّ: يُرِيدُ الثِّيَابَ الْبِيضَ اهـ. يَعْنِي أَفْضَلَهَا - مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ -، الْبِيضَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: " «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ ; فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» " وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ: فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ. وَزَادَ الْخَطَّابِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: الْجُدُدَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَإِنْ فَقَدَ الْبِيضَ فَمَا صُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1033
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست