قالوا: يارسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) ،
متفق عليه.
53- (5) وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالمذكورات ثم علم بما زاد، فيجب الأخذ بالزائد، أو أن الاقتصار وقع بحسب المقام بالنسبة إلى السائل أو من وقعت له واقعة، ونحو ذلك. (الشرك بالله) أي جعل أحد شريكا لله تعالى، قال المناوي: أكبر الكبائر وأعظمها: الشرك ثم القتل ظلماً، وما عدا ذلك يحتمل أنه في مرتبة واحدة، فإن الواو لا تقتضي الترتيب، ويقال في كل واحدة: إنها من أكبر الكبائر - انتهى. بزيادة يسيرة. (والسحر) بكسر السين وسكون الحاء المهملتين، وهو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة، والذي عليه الجمهور أن له حقيقة تؤثر بحيث تغير المزاج. قال النووى: عمل السحر حرام، ومنه ما يكون كفراً ومنه ما لا يكون كفراً بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام، وفي حكم السحر ومتعلقاته اختلاف كثير وتفاصيل ومباحث ارجع لها إلى تفسير الفخر الرازي، وأحكام القرآن للجصاص الرازي، والفتح للحافظ. (إلا بالحق) أي بفعل موجب للقتل شرعاً. (وأكل الربا) أي تناوله بأي وجه كان (وأكل مال اليتيم) أي بغير حق (والتولي) بكسر اللام أي الإدبار للفرار (يوم الزحف) أي يوم القتال في الجهاد، و"الزحف" بفتح الزاي وسكون الحاء اسم للجماعة التي يزحفون إلى العدو أي يمشون إليهم بمشقة، من زحف الصبي إذا دب على إسته. وقيل: سمي به لكثرته وثقل حركته كأنه يزحف. وقيل: اسم لجيش الكفار سموا بذلك لكثرة زحفهم على المسلمين، سموا بالمصدر للمبالغة. وإنما يكون التولي كبيرة إذا لم يزد عدد الكفار على مثلى المسلمين إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة. (وقذف المحصنات) أي الحرائر العفيفات، يعني رميهن بالزنا، جمع محصنة بفتح الصاد أي التي أحصنها الله من الزنا، وبكسر الصاد أي التي حفظت فرجها من الزنا (المؤمنات) احتراز عن قذف الكافرات، فإن قذفهن ليس من الكبائر، فإن كانت ذمية فقذفها من الصغائر ولا يوجب الحد، وفي قذف الأمة المسلمة التعزير دون الحد، وإذا كان المقذوف رجلاً يكون القذف أيضاً من الكبائر، ويجب الحد أيضاً، فتخصيصهن لمراعاة الآية والعادة (الغافلات) عن الفواحش وما قذفن به، كناية عن البريئات؛ لأن البريء غافل عما بهت به من الزنا، وأما غير الغافلات عن الفواحش فلا يحرم قذفهن إن كن معلنات. قال القاري: والغافلات مؤخر عن المؤمنات في الحديث عكس الآية على ما في النسخ المصححة، ووقع في شرح ابن حجر بالعكس وفق الآية (متفق عليه) . وأخرجه أيضاً أبوداود، والنسائي.
53- قوله: (لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) الواو للحال، وظاهره دليل على أن صاحب الكبيرة ليس بمؤمن كما قالت الخوارج والمعتزلة، خلافاً لأهل السنة فأوله بوجوه جمعاً بينه وبين الدلائل من الكتاب والسنة.