-[283]- 9259 - (نصبر ولا نعاقب) قال ذلك يوم أحد لما مثل بحمزة فأنزل الله يوم الفتح {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} الآية
(عم عن أبي) بن كعب
9260 - (نصرت) يوم الأحزاب وكانوا اثني عشر ألفا حين حاصروا المدينة (بالصبا) بفتح الصاد مقصورا: الريح التي تجيء من ظهرك إذا استقبلت القبلة وتسمى القبول بفتح القاف لأنها تقابل باب الكعبة وفي التفسير: إنها التي حملت ريح يوسف إلى يعقوب قبل السير إليه فإليها يستريح كل محزون فأرسلت عليهم الصبا في ليلة شاتية فسفت التراب عليهم وأخمدت نارهم وقلعت خيامهم فانهزموا (وأهلكت) بضم الهمزة وكسر اللام (عاد) قوم هود (بالدبور) بفتح الدال تجيء من قبل الوجه إذا استقبلت القبلة فأتت تقلع الشجر وتهدم البيوت وترفع الظعينة بين السماء والأرض حتى ترى كأنها جرادة وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم. ومن لطيف المناسبة أن القبول نصرت أهل القبول والدبور أهلكت أهل الإدبار وفيه تفضيل بعض المخلوقات على بعض وإخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على جهة التحديث بالنعمة والشكر لا الفخر والإخبار عن الأمم الماضية وأهلها
(حم ق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير
9261 - (نصرت يوم الأحزاب بالصبا) في غزوة الخندق (وكانت عذابا على من كان قبلي) فقد هلك بها عاد وغيرهم. وهذه الريح قد سخرت لسليمان عليه السلام أيضا {غدوها شهر ورواحها شهر} لكن معجزة نبينا أظهر لأن تلك سخرت لذات مولانا سليمان عليه السلام وهذه سخرت لصفة من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هيئته فتلك إنما كانت تسير بأمر سليمان عليه السلام وهذه تسير من غير توسط أمر من نبينا عليه الصلاة والسلام فهو من تشبيه الأعلى بالعلي كما في: كما صليت على إبراهيم
(الشافعي) في مسنده (عن محمد بن عمر) بن علي بن أبي طالب (مرسلا) هو في التابعين متعدد فكان ينبغي تمييزه. وأخرج الترمذي في العلل عن ابن عباس قال: أتت الصبا الشمال فقالت: مر بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت الشمال: إن الحرة لا تسري بالليل فكانت الريح التي نصر بها الصبا
9262 - (نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين) هذا بظاهره يناقض قوله في الخبر السابق ثلث منايا أمتي من العين وقد يجاب بأنه أراد بكل منهما التقريب لا التحديد والنصف يقرب من الثلث والمراد نحوهما وما بينهما أو أنه أطلق النصف والثلث غير مريد بهما حقيقتهما بل إعلاما بأن تأثير العائن في الناس بحيث يفضي إلى التلف بالكلية أمر كثير جدا أو أنه أعلم أولا بالقليل ثم أوحي إليه بالكثير
(طب عن أسماء بنت عميس) قال الهيثمي: وفيه علي بن عروة الدمشقي وهو كذاب وقال الذهبي: قال ابن حبان: يضع الحديث
9263 - (نضر الله) بضاد معجمة مشددة وتخفف قال في البحر: وهو أفصح وقال الصدر المناوي: أكثر الشيوخ يشددون وأكثر أهل الأدب يخففون من النضارة: الحسن والرونق (امرءا) أي رجلا ومؤنثه: امرأة وفيه لغات: مرءا: بفتح الميم وكسرها وضمها وامرءا: بزيادة همزة الوصل مع ضمها ومع فتحها ومع كسرها في سائر الأحوال ومع تغيره باعتبار إعرابها فتضم الراء مع الرفع وتفتح مع النصب وتكسر مع الجر والمعنى: خصه الله بالبهجة -[284]- والسرور أو حسن وجهه عند الناس وحاله بينهم وأصله: {نضرة النعيم} (سمع منا شيئا) من الأحاديث بما رزق من العلم والمعرفة والمراد بقوله شيئا: عموم الأقوال والأفعال الصادرة من المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين بدليل صيغة منا بلفظ الجمع ولهذا أوقع امرءا موقع عبدا وهو أعم من العبد لما في العبد من معنى الإستكانة والمضي لأمر الله ورسوله بلا امتناع وعدم الإستنكاف مع أداء ما سمع إلى من هو أعلم منه فإن حقيقة العبودية مشعرة بذلك (فبلغه) أي أداه إلى من يبلغه (كما سمعه) أي من غير زيادة ولا نقص فمن زاد أو نقص فهو مغير لا مبلغ فيكون الدعاء مصروفا عنه قال الطيبي: كما سمعه: إما حال من فاعل بلغه وإما مفعول مطلق وإما موصولة أو مصدرية قال التوربشتي: ورب: موضوعة للتقليل فاستعيرت في الحديث للتكثير (فرب مبلغ) بفتح اللام (أوعى) أي أعظم تذكرا. قال المظهر: وعى يعي وعيا: إذا حفظ كلاما بقلبه ودام على حفظه ولم ينسه. وقال الطيبي: الوعي: إدامة الحفظ وعدم النسيان (من سامع) لما رزق من جودة الفهم وكمال العلم والمعرفة. وخص مبلغ سنته بالدعاء لكونه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجوزي بما يليق بحاله وقد رأى بعض العلماء المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النوم فقال له: أنت قلت نضر الله امرءا إلخ؟ قال: نعم ووجهه يتهلل أنا قلته وكرره ثلاثا قالوا: ولذلك لا يزال في وجوه المحدثين نضارة ببركة دعائه وفيه وجوب تبليغ العلم وهو الميثاق المأخوذ على العلماء وأنه يكون في آخر الزمان من له الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه لكنه قليل بدلالة رب ذكره بعضهم ومنعه ابن جماعة بمنع دلالته على المدعي فإن حامل السنة يجوز أن يؤخذ عنه وإن كان جاهلا بمعناها فهو مأجور على نقلها وإن لم يفهمها وأن اختصار الحديث لغير المبحر ممنوع وأن النقل بالمعنى مدفوع إلا على المتأهل ففيه خلف وجه المنع أنه سد لطريق الاستنباط على من بعده
(حم ت عن ابن مسعود) قال الترمذي: صحيح قال ابن القطان: فيه سماك بن حرب يقبل التلقين وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث مشهور خرج في السنن أو بعضها من حديث ابن مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وصححه ابن حبان والحاكم وذكر أبو القاسم بن منده في تذكرته أنه رواه عن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربعة وعشرون صحابيا ثم سود أسماءهم وقال عبد الغني في الأدب: تذاكرت أنا والدارقطني طرق هذا الحديث فقال: هذا أصح شيء روي فيه