5214 - (ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعا وعضده مثل البيضاء وفخذه مثل ورقان) كقطران جبل أسود على يمين المار من المدينة إلى مكة. قال القرطبي: روي عن أنس مرفوعا لما تجلى ربنا للجبل صار بعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بمكة ثور وثبير وحراء وبالمدينة أحد وورقان ورضوى (ومقعده في النار ما بينه وبين الربذة) قد عرفت تقديره مما قبله
(حم ك) في الأهوال (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير ربعي بن إبراهيم وهو ثقة
5215 - (ضرس الكافر مثل أحد وغلظ جلده سبعون ذراعا بذراع الجبار) أراد به هنا مزيد الطول أو أن الجبار اسم ملك من اليمن أو العجم كان طويل الذراع [1] وقال الذهبي: ليس ذا من الصفات في شيء وهو مثل قولك ذراع الخياط وذراع النجار وقال العارف ابن عربي: هذه إضافة تشريف مقدار جعله الله تعالى إضافة إليه كما تقول هذا الشيء كذا ذراعا بذراع الملك تريد الذراع الأكبر الذي جعله الملك وإن كان ذراع الملك الذي هو الجارحة كأذرعنا والذراع الذي جعله يزيد على ذراع الجارحة فليس ذراعه حقيقة وإنما هو مقدار نصيبه ثم أضيف فاعله [1] والجبار في اللسان الملك العظيم وكذا القدم يضع الجبار فيها قدمه أصل القدم الجارحة ويقال لفلان في هذا قدم أي ثبوت وقد يكون الجبار ملكا وهذه القدم لذلك الملك ومثل هذه الأخبار كثيرة منها صحيح وسقيم وما منها خبر إلا وله وجه من وجوه التنزيه وإن أردت أن يقرب عليك ذلك فاعمد إلى اللفظة الموهمة للتشبيه وخذ فائدتها أو روحها أو ما تكون عنها فاجعله في حق الحق تفز بدرجة التنزيه كما حاز غيرك درك التشبيه هكذا فافعل وطهر ثوبك وقلبك فيكفي هذا القدر والسلام. (3)
(البزار) في مسنده (عن ثوبان) قال الهيثمي: فيه عباد بن منصور وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات [1] [قوله " أو أن الجبار اسم ملك من اليمن أو العجم ": لا يخفى ما في هذا المعنى من التكلف. دار الحديث]
(2) [ولتسهيل فهم ذلك فليتأمل في قوله تعالى عن عيسى عليه السلام " وروح منه " وقوله تعالى " وادخلي جنتى " حيث أن إضافة " الروح " و " الجنة " إلى الله عز وجل هي إضافة تشريف لا تبعيض. وذلك بديهي يفهمه العالم والجاهل وإنما ذكر لسهولته ولتقريب المعنى إلى الأفهام بخصوص ما هو أدق منه في المعنى مثل " ذراع الجبار " المذكور في هذا الحديث. دار الحديث]
(3) وانظر كلام الشيخ محمود الرنكوسي في الكناية في التعليق على شرح الحديث 5207. دار الحديث]
5216 - (ضع القلم على أذنك فإنه أذكر للمملي) أي أسرع تذكرا فيما يريد إنشاءه من العبارات والمقاصد وذلك لأن القلم أحد اللسانين المعبرين عما في القلب وكل منهما يسمع ما يريد القلب ومحل الاستماع الآذان فاللسان موضوع على محل الاستماع والقلم منفصل عنه فيحتاج لتقريبه من محل الاستماع. قال عياض: وفي هذا الخبر وشبهه دلالة على معرفة حروف الخط وحسن تصويرها وأخذ الباجي من قضية الحديث أنه كتب بعد أن لم يكن يحسن الكتابة ورمي بالزندقة لذلك أي لمخالفته للقرآن وانتصر له بأنه لا ينافيه بل يقتضيه لتقييده النفي بما قبل ورود القرآن وبعد ما تحققت أمنيته وتقررت معجزته لا مانع من كتابة بلا تعليم وتكون معجزة أخرى وبأن ابن أبي شيبة روى عن عون: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ
(ت) في الاستئذان عن قتيبة عن عبد الله بن الحرث عن عنبسة عن محمد بن زاذان عن أم سعد (عن زيد بن ثابت) قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه كاتب فسمعته يقول ضع إلخ ثم قال: إسناده ضعيف وعنبسة ومحمد ضعيفان اه. وزعم ابن الجوزي وضعه ورده ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر ووروده بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع
[ (" للمملي ": أي للذي يملي الكلام على من يكتبه. ولفهم هذا الحديث يلزم استحضار طريقة الإملاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأدواتها حيث كانت الكتابة أبطأ من الإملاء بمقدار أكثر مما يتبادر إلى ذهننا وذلك لاستعمالهم الجلد والعظم والحجر وأمثالها ولعدم توفر الأقلام السهلة الاستعمال كتلك المعروفة في عصرنا
وكذلك يلزم استحضار قوة ذاكرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وخصوصا الكتاب منهم وطول الأحاديث التي كانوا يستطيعون حفظها ولو من دور واحد والتي بلغنا منها الكثير. من ذلك كله ومن هذا الحديث يتضح أن الإملاء المذكور هنا ليس كالإملاء المعهود لنا بأن يحاول الكاتب أن يكتب في نفس الوقت الذي يجري فيه الإملاء بل يستمع مدة غير قصيرة كما تبين أعلاه ثم يتوقف المملي ويكتب الكاتب. فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من الكاتب وضع القلم على أذنه لأنه أذكر للمملي حيث يستطيع جمع أفكاره حول ما هو بصدد صياغته من الكلام دون أن يتوهم أن الكاتب قد يبدأ بالكتابة وأن عليه هو التوقف عن الإملاء مما " يقطع سلسلة أفكاره " بتعبيرنا
ومع أن هذا الحديث قد لا يوجد فيه من الأحكام المهمة ما يوجد في غيره غير أنه شرح باستيفاء تشجيعا للقارئ على مداومة استحضار ظروف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم أثناء محاولته فهم الحديث: فنحن إذ لم يكتب لنا رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الدار صار حكمنا كفاقد الماء الذي شأنه التيمم. وأقرب شيء إلى رؤيته في هذه الدار وإن كان لا يقوم مقامها هو استحضار وتصور أخلاقه وصفاته وعامة ظروفه ما استطعنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وخلو الحديث من الأحكام لا ينقص من معنى الاستحضار هذا بل قد يزيد فيه إذ يريح الفكر برهة قصيرة عن قيود انشغاله بالمسائل فيصير وكأنه ينظر بسكينة عبر الزمان إلى لمحات عادية من حياة هذا النبي الكريم. وفي شرح الحديث 3256 قريب من ذلك: تحفة الصائم الزائر أن تغلف لحيته وتجمر ثيابه ويذرر وتحفة المرأة الصائمة الزائرة أن تمشط رأسها وتجمر ثيابها وتذرر. دار الحديث]
5217 - (ضع أنفك ليسجد معك) وجوبا عند الحبر ابن عباس وجمع وندبا عند ابن عمر وآخرين لأن المأمور بالسجود -[256]- وجوبا عليه تلك الأعظم السبعة فلو وجب السجود عليه لكانت ثمانية قال ابن حزم: والخلاف في الأنف إنما هو في الجواز لا الصحة فلو ترك السجود على أنفه قادرا فلا خلاف بين سلف الأئمة وخلفهم أنه لا إعادة عليه وإن أساء وأخطأ بتركه
(هق عن ابن عباس) قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يسجد على جبهته فذكره رمز المصنف لحسنه قال في العلل: وأصح منه خبر عكرمة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تجزى صلاة لا يمس الأنف من الأرض ما يمس الجبين