responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 463
ذَلِكَ عُمَرُ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَخَشِيَ عُمَرُ أَنْ يَظُنَّ الْجُهَّالُ أَنَّ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ مِنْ بَابِ تَعْظِيمِ بَعْضِ الْأَحْجَارِ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّ اسْتِلَامَهُ اتِّبَاعٌ لِفِعْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا لِأَنَّ الْحَجَرَ يَنْفَعُ وَيَضُرُّ بِذَاتِهِ كَمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَقِدُهُ فِي الْأَوْثَانِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْحَجَرَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بِهَا عِبَادُهُ وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ جَارِحَةٌ وَإِنَّمَا شُرِعَ تَقْبِيلُهُ اخْتِيَارًا لِيُعْلَمَ بِالْمُشَاهَدَةِ طَاعَةُ مَنْ يُطِيعُ وَذَلِكَ شَبِيهٌ بِقِصَّةِ إِبْلِيسَ حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى أَنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنَّ مَنْ صَافَحَهُ فِي الْأَرْضِ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ وَجَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْعَهْدَ يَعْقِدُهُ الْمَلِكُ بِالْمُصَافَحَةِ لِمَنْ يُرِيدُ مُوَالَاتَهُ وَالِاخْتِصَاصَ بِهِ فَخَاطَبَهُمْ بِمَا يَعْهَدُونَهُ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَلِكٍ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ الْوَافِدُ قَبَّلَ يَمِينَهُ فَلَمَّا كَانَ الْحَاجُّ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ يُسَنُّ لَهُ تَقْبِيلُهُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ يَمِينِ الْمَلِكِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَفِي قَوْلِ عُمَرَ هَذَا التَّسْلِيمُ لِلشَّارِعِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَحُسْنُ الِاتِّبَاعِ فِيمَا لَمْ يَكْشِفْ عَنْ مَعَانِيهَا وَهُوَ قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَفْعَلُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْحِكْمَةَ فِيهِ وَفِيهِ دَفْعُ مَا وَقَعَ لِبَعْضِ الْجُهَّالِ مِنْ أَنَّ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ خَاصَّةً تَرْجِعُ إِلَى ذَاتِهِ وَفِيهِ بَيَانُ السُّنَنِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَأَنَّ الْإِمَامَ إِذَا خَشِيَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ فِعْلِهِ فَسَادَ اعْتِقَادٍ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى بَيَانِ الْأَمْرِ وَيُوَضِّحَ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى التَّقْبِيلِ وَالِاسْتِلَامِ بَعْدَ تِسْعَةِ أَبْوَابٍ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ كَرَاهَةُ تَقْبِيلِ مَا لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَقْبِيلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَهْمَا قَبَّلَ مِنَ الْبَيْتِ فَحَسَنٌ فَلَمْ يُرِدْ بِهِ الِاسْتِحْبَابَ لِأَنَّ الْمُبَاحَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَسَنِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ تَكْمِيلٌ اعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ عَلَى الْحَدِيثِ الْمَاضِي فَقَالَ كَيْفَ سَوَّدَتْهُ خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ تُبَيِّضْهُ طَاعَاتُ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَأُجِيبَ بِمَا قَالَ بن قُتَيْبَةَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَكَانَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ بِأَنَّ السَّوَادَ يَصْبُغُ وَلَا يَنْصَبِغُ عَلَى الْعَكْسِ مِنَ الْبَيَاضِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي بَقَائِهِ أَسْوَدَ عِبْرَةٌ لِمَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ فَإِنَّ الْخَطَايَا إِذَا أَثَّرَتْ فِي الْحَجَرِ الصَّلْدِ فَتَأْثِيرُهَا فِي الْقَلْبِ أَشَدُّ قَالَ وَرُوِيَ عَن بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا غَيَّرَهُ بِالسَّوَادِ لِئَلَّا يَنْظُرَ أَهْلُ الدُّنْيَا إِلَى زِينَةِ الْجَنَّةِ فَإِنْ ثَبَتَ فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ قُلْتُ أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي فَضَائِلِ مَكَّة بِإِسْنَاد ضَعِيف وَالله أعلم

(قَوْلُهُ بَابُ إِغْلَاقِ الْبَيْتِ وَيُصَلِّي فِي أَيِّ نواحي الْبَيْت شَاءَ)
أورد فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُغَايِرُ التَّرْجَمَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالْفِعْلُ الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حَمَلَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِعَيْنِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْقَصْدِ لِزِيَادَةِ فَضْلٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ لَيْسَ حَتْمًا وَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ من تَصْرِيح بن عُمَرَ بِنَصِّ التَّرْجَمَةِ مَعَ كَوْنِهِ كَانَ يَقْصِدُ الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ لِفَضْلِهِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الْحِكْمَةِ فِي إِغْلَاقِ الْبَاب حِينَئِذٍ وَهُوَ أولى من دَعْوَى بن بَطَّالٍ الْحِكْمَةَ فِيهِ لِئَلَّا يَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 3  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست