responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 528
(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)
ذكر بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّ غَرَضَ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِثْبَاتُ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَأَقْوَالَهُمْ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَمْرِ بِقَوْلِهِ كُنْ وَبَيْنَ الْخَلْقِ بِقَوْلِهِ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بأَمْره فَجَعَلَ الْأَمْرَ غَيْرَ الْخَلْقِ وَتَسْخِيرُهَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى خَلْقِهَا إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَمْرِهِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ نُطْقَ الْإِنْسَانِ بِالْإِيمَانِ عَمَلٌ مِنْ أَعماله كَمَا ذكر فِي قصَّة عَبْدِ الْقَيْسِ حَيْثُ سَأَلُوا عَنْ عَمَلٍ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ فَأَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَفَسَّرَهُ بِالشَّهَادَةِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا اللَّهُ الَّذِي حَمَلَكُمْ الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ أَعْمَالَهُمْ قَوْلُهُ إِنَّا كُلَّ شَيْء خلقناه بِقدر كَذَا لَهُمْ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي بَابِ قَوْلَهُ تَعَالَى قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي قَالَ الْكِرْمَانِيُّ التَّقْدِيرُ خَلَقْنَا كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَالِقَ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَأما قَوْله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي إِثْبَاتِ نِسْبَةِ الْعَمَلِ إِلَى الْعِبَادِ فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَمَلَ هُنَا غَيْرُ الْخَلْقِ وَهُوَ الْكَسْبُ الَّذِي يَكُونُ مُسْنَدًا إِلَى الْعَبْدِ حَيْثُ أَثْبَتَ لَهُ فِيهِ صُنْعًا وَيُسْنَدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ إِنَّ وُجُودَهُ إِنَّمَا هُوَ بِتَأْثِيرِ قُدْرَتِهِ وَلَهُ جِهَتَانِ جِهَةٌ تَنْفِي الْقَدَرَ وَجِهَةٌ تَنْفِي الْجَبْرَ فَهُوَ مُسْنَدٌ إِلَى اللَّهِ حَقِيقَةً وَإِلَى الْعَبْدِ عَادَةً وَهِيَ صِفَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْفِعْلُ وَالتَّرْكُ فَكُلُّ مَا أُسْنِدَ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى تَأْثِيرِ الْقُدْرَةِ وَيُقَالُ لَهُ الْخَلْقُ وَمَا أُسْنِدَ إِلَى الْعَبْدِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُقَالُ لَهُ الْكَسْبُ وَعَلَيْهِ يَقَعُ الْمَدْحُ وَالذَّمُّ كَمَا يُذَمُّ الْمُشَوَّهُ الْوَجْهِ وَيُمْدَحُ الْجَمِيلُ الصُّورَةِ وَأَمَّا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ فَهُوَ عَلَامَةٌ وَالْعَبْدُ إِنَّمَا هُوَ مِلْكُ اللَّهِ تَعَالَى يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَشَاءُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ هَذَا بِأَتَمَّ مِنْهُ فِي بَاب قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ سَلَكَهَا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِإِعْرَابِ مَا هَلْ هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِيهَا وَجْهَانِ فَمَنْ قَالَ مَصْدَرِيَّةٌ قَالَ الْمَعْنَى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ عَمَلَكُمْ وَمَنْ قَالَ مَوْصُولَةٌ قَالَ خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ الَّذِي تَعْمَلُونَ أَيْ تَعْمَلُونَ مِنْهُ الْأَصْنَامَ وَهُوَ الْخَشَبُ وَالنُّحَاسُ وَغَيْرُهُمَا ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ قَتَادَةَ مَا يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 528
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست