responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 529
وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ أَي بِأَيْدِيكُمْ وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ أَيْضًا قَالَ تَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ أَيْ مِنَ الْأَصْنَامِ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ أَيْ بِأَيْدِيكُمْ وَتَمَسَّكَ الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي نَتَائِجِ الْفِكْرِ لَهُ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ فَلَا تَقُولُ عَمِلْتُ حَبْلًا وَلَا صَنَعْتُ جَمَلًا وَلَا شَجَرًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَنْ قَالَ أَعْجَبَنِي مَا عَمِلْتَ فَمَعْنَاهُ الْحَدَثُ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ فِي تَأْوِيل وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ إِلَّا أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ إِنَّهَا مَوْصُولَةٌ فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانُوا يَنْحِتُونَهَا فَقَالُوا التَّقْدِيرُ خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ الْأَصْنَامَ وَزَعَمُوا أَنَّ نَظْمَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي مَا قَالُوهُ لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ مَا تَنْحِتُونَ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْحِجَارَةِ الْمَنْحُوتَةِ فَكَذَلِكَ مَا الثَّانِيَةُ وَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُمْ أَتَعْبُدُونَ حِجَارَةً تَنْحِتُونَهَا وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ تِلْكَ الْحِجَارَةَ الَّتِي تَعْمَلُونَهَا هَذِهِ شُبْهَتُهُمْ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّحْوِ إِذْ مَا لَا تَكُونُ مَعَ الْفِعْلِ الْخَاصِّ إِلَّا مَصْدَرِيَّةً فَعَلَى هَذَا فَالْآيَةُ تَرُدُّ مَذْهَبَهُمْ وَتُفْسِدُ قَوْلَهُمْ وَالنَّظْمُ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَبْدَعُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَقُولُ عَمِلْتُ الصَّحْفَةَ وَصَنَعْتُ الْجَفْنَةَ وَكَذَا يَصِحُّ عَمِلْتُ الصَّنَمَ قُلْنَا لَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ إِلَّا بِالصُّورَةِ الَّتِي هِيَ التَّأْلِيفُ وَالتَّرْكِيبُ وَهِيَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ الْإِحْدَاثُ دُونَ الْجَوَاهِرِ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَرَدَتْ فِي بَيَانِ اسْتِحْقَاقِ الْخَالِقِ الْعِبَادَةَ لِانْفِرَادِهِ بِالْخَلْقِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ يَعْبُدُ مَا لَا يَخْلُقُ وَهُمْ يُخْلَقُونَ فَقَالَ أَتَعْبُدُونَ مَنْ لَا يَخْلُقُ وَتَدَعُونَ عِبَادَةَ مَنْ خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ أَعْمَالَكُمُ الَّتِي تَعْمَلُونَ وَلَوْ كَانُوا كَمَا زَعَمُوا لَمَا قَامَتِ الْحُجَّةُ مِنْ نَفْسِ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُمْ خَالِقِينَ لِأَعْمَالِهِمْ وَهُوَ خَالِقٌ لِلْأَجْنَاسِ لَشَرَكَهُمْ مَعَهُمْ فِي الْخَلْقِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ إِفْكِهِمْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالق كل شَيْء فَدَخَلَ فِيهِ الْأَعْيَانُ وَالْأَفْعَالُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَقَالَ تَعَالَى أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كل شَيْء فَنَفَى أَنْ يَكُونَ خَالِقُ غَيْرَهُ وَنَفَى أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ سِوَاهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَلَوْ كَانَتِ الْأَفْعَالُ غَيْرَ مَخْلُوقَةٍ لَهُ لَكَانَ خَالِقَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ لَا خَالِقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِخِلَافِ الْآيَةِ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَفْعَالَ أَكْثَرُ مِنَ الْأَعْيَانِ فَلَوْ كَانَ اللَّهُ خَالِقَ الْأَعْيَانَ وَالنَّاسُ خَالِقَ الْأَفْعَالَ لَكَانَ مَخْلُوقَاتُ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ الله تَعَالَى وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي إِعْرَابِ الْقُرْآنِ لَهُ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا تَعْمَلُونَ مَوْصُولَةٌ فِرَارًا مِنْ أَنْ يُقِرُّوا بِعُمُومِ الْخَلْقِ لِلَّهِ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنَّهُ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُنْحَتُ مِنْهَا الْأَصْنَامُ وَأَمَّا الْأَعْمَالُ وَالْحَرَكَاتُ فَإِنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي خَلْقِ اللَّهِ وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ تَنْزِيهَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ خَلْقِ الشَّرِّ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ إِبْلِيسَ وَهُوَ الشَّرُّ كُلُّهُ وَقَالَ تَعَالَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خلق فَأَثْبَتَ أَنَّهُ خَلَقَ الشَّرَّ وَأَطْبَقَ الْقُرَّاءُ حَتَّى أَهْلُ الشُّذُوذِ عَلَى إِضَافَةِ شَرِّ إِلَى مَا إِلَّا عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ رَأْسَ الِاعْتِزَالِ فَقَرَأَهَا بِتَنْوِينِ شَرٍّ لِيُصَحِّحَ مَذْهَبَهُ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلِهِ عَلَى قِرَاءَتِهَا بِالْإِضَافَةِ قَالَ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَالْمَعْنَى خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 13  صفحه : 529
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست