responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 490
الشَّيْطَانُ عِنْدَ تِلْكَ الصَّدْمَةِ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِسُوءِ الْخَاتِمَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ وَفِيهِ أَنَّ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُوجِبُهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَسْبَابِ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ الْجِمَاعَ عِلَّةً لِلْوَلَدِ لِأَنَّ الْجِمَاعَ قَدْ يَحْصُلُ وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ حَتَّى يَشَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ وَفِيهِ أَنَّ الشَّيْءَ الْكَثِيفَ يَحْتَاجُ إِلَى طُولِ الزَّمَانِ بِخِلَافِ اللَّطِيفِ وَلِذَلِكَ طَالَتِ الْمُدَّةُ فِي أَطْوَارِ الْجَنِينِ حَتَّى حَصَلَ تَخْلِيقُهُ بِخِلَافِ نَفْخِ الرُّوحِ وَلِذَلِكَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَوَّلًا عَمَدَ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهَا وَتَرَكَ الْأَرْضَ لِكَثَافَتِهَا بِغَيْرِ فَتْقٍ ثُمَّ فُتِقَتَا مَعًا وَلَمَّا خَلَقَ آدَمَ فَصَوَّرَهُ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ تَرَكَهُ مُدَّةً ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ وَاسْتَدَلَّ الدَّاوُدِيُّ بِقَوْلِهِ فَتَدْخُلُ النَّارَ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ خَاصٌّ بِالْكُفَّارِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُحْبِطُهُ إِلَّا الْكُفْرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لِلْإِحْبَاطِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَوْلَى فَيَتَنَاوَلُ الْمُؤْمِنَ حَتَّى يُخْتَمَ لَهُ بِعَمَلِ الْكَافِرِ مَثَلًا فَيَرْتَدُّ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِك فنستعيذ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَنَاوَلُ الْمُطِيعَ حَتَّى يُخْتَمَ لَهُ بِعَمَلِ الْعَاصِي فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِطْلَاقِ دُخُولِ النَّارِ أَنَّهُ يُخَلَّدُ فِيهَا أَبَدًا بَلْ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ صَادِقٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ وَاسْتُدِلَّ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ رِعَايَةَ الْأَصْلَحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَذْهَبُ جَمِيعُ عُمُرِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِالْكُفْرِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ فَيَدْخُلُ النَّارَ فَلَوْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةَ الْأَصْلَحِ لَمْ يَحْبَطْ جَمِيعُ عَمَلِهِ الصَّالِحِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا وَلَا سِيَّمَا إِنْ طَالَ عُمُرُهُ وَقَرُبَ مَوْتُهُ مِنْ كُفْرِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَجَبَ أَنْ يَدْخُلَهَا لِتَرَتُّبِ دُخُولِهَا فِي الْخَبَرِ عَلَى الْعَمَلِ وَتَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الشَّيْءِ يُشْعِرُ بِعِلِّيَّتِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا عِلَّةٌ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَتَخَلَّفُ سَلَّمْنَا أَنَّهُ عِلَّةٌ لَكِنَّهُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ وَأَمَّا الْعُصَاةُ فَخَرَجُوا بِدَلِيلِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِك لمن يَشَاء فَمَنْ لَمْ يُشْرِكْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَشِيئَةِ وَاسْتدلَّ بِهِ الْأَشْعَرِيّ فِي تجويزه تَكْلِيف مَالا يُطَاقُ لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ كَلَّفَ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ بِالْإِيمَانِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّرَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَثْبُتْ وُقُوعُهَا إِلَّا فِي الْإِيمَانِ خَاصَّةً وَمَا عَدَاهُ لَا تُوجَدُ دَلَالَةٌ قَطْعِيَّةٌ عَلَى وُقُوعِهِ وَأَمَّا مُطْلَقُ الْجَوَازِ فَحَاصِلٌ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ كَمَا يَعْلَمُ الْكُلِّيَّاتِ لِتَصْرِيحِ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ يَأْمُرُ بِكِتَابَةِ أَحْوَالِ الشَّخْصِ مُفَصَّلَةً وَفِيهِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَرِيدٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ بِمَعْنَى أَنَّهُ خَالِقُهَا وَمُقَدِّرُهَا لَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا وَفِيهِ أَنَّ جَمِيعَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِيجَادِهِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَالْجَبْرِيَّةُ فَذَهَبَتِ الْقَدَرِيَّةُ إِلَى أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَنَسَبَ إِلَى اللَّهِ الْخَيْرَ وَنَفَى عَنْهُ خَلْقَ الشَّرِّ وَقِيلَ إِنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ وَإِنْ كَانَ قَدِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هَذَا رَأْيُ الْمَجُوسِ وَذَهَبَتِ الْجَبْرِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكُلَّ فِعْلُ اللَّهِ وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ فِيهِ تَأْثِيرٌ أَصْلًا وَتَوَسَّطَ أَهْلُ السُّنَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَصْلُ الْفِعْلِ خَلَقَهُ اللَّهُ وَلِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي الْمَقْدُورِ وَأَثْبَتَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا لَكِنَّهُ يُسَمَّى كَسْبًا وَبَسْطُ أَدِلَّتِهِمْ يَطُولُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقُلْتُ أَوْصِنِي فَقَالَ إِنَّكَ لَنْ تَطْعَمَ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَلَنْ تَبْلُغَ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَهُوَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَخْطَاكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَإِنْ مُتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ النَّارَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَبْلُغُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ وَسَيَأْتِي الْإِلْمَامُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ فِي الْكَلَامِ عَلَى خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 490
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست