responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 489
تِلْكَ الْأَطْوَارِ إِلَى أَنْ صَارَ إِنْسَانًا جَمِيلَ الصُّورَةِ مُفَضَّلًا بِالْعَقْلِ وَالْفَهْمِ وَالنُّطْقِ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ مَنْ أَنْشَأَهُ وَهَيَّأَهُ وَيَعْبُدَهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ وَيُطِيعَهُ وَلَا يَعْصِيَهُ وَفِيهِ أَنَّ فِي تَقْدِيرِ الْأَعْمَالِ مَا هُوَ سَابِقٌ وَلَاحِقٌ فَالسَّابِقُ مَا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّاحِقُ مَا يُقَدَّرُ عَلَى الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ النَّسْخَ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى وَفْقِ مَا فِي عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السِّقْطَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الْقَدِيمِ لِلشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَعَنْ أَحْمَدَ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَفِي تِلْكَ الْعَشْرِ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الرُّوحِ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَقَدْ قَالُوا فَإِذَا بَكَى أَوِ اخْتَلَجَ أَوْ تَنَفَّسَ ثُمَّ بَطَلَ ذَلِكَ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا أخرجه النَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا اسْتُهِلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ عِنْدَ الْحُفَّاظِ وَقْفُهُ وَعَلَى طَرِيقِ الْفُقَهَاءِ لَا أَثَرَ لِلتَّعْلِيلِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلرَّفْعِ لِزِيَادَتِهِ قَالُوا وَإِذَا بَلَغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَدُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُشْرَعُ لَهُ غُسْلٌ وَلَا غَيْرُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّخْلِيقَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ فَأَقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ خَلْقَ الْوَلَدِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا وَهِيَ ابْتِدَاءُ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَقَدْ لَا يَتَبَيَّنُ إِلَّا فِي آخِرِهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوَضْعِ إِلَّا بِبُلُوغِهَا وَفِيهِ خِلَافٌ وَلَا يَثْبُتُ لِلْأَمَةِ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَتَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ فَأَدَارُوا الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ عَلَى كُلِّ سِقْطٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِالتَّخْطِيطِ وَلَوْ كَانَ خَفِيًّا وَفِي ذَلِكَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَحُجَّتُهُمْ مَا تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ النُّطْفَةَ إِذَا لَمْ يُقَدَّرْ تَخْلِيقُهَا لَا تَصِيرُ عَلَقَةً وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّهَا تَتَخَلَّقُ تَصِيرُ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً إِلَخْ فَمَتَى وُضِعَتْ عَلَقَةً عُرِفَ أَنَّ النُّطْفَةَ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا نُطْفَةً وَاسْتَحَالَتْ إِلَى أَوَّلِ أَحْوَالِ الْوَلَدِ وَفِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ قَدْ يَقَعُ بِلَا عَمَلٍ وَلَا عُمُرٍ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ وَسَيَأْتِي الْإِلْمَامُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَفِيهِ الْحَثُّ الْقَوِيُّ عَلَى الْقَنَاعَةِ وَالزَّجْرُ الشَّدِيدُ عَنِ الْحِرْصِ لِأَنَّ الرِّزْقَ إِذَا كَانَ قَدْ سَبَقَ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُغْنِ التَّعَنِّي فِي طَلَبِهِ وَإِنَّمَا شُرِعَ الِاكْتِسَابُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا الْحِكْمَةُ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَفِيهِ أَنَّ الْأَعْمَالَ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ حَدِيثَ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمُ الْجَنَّةَ عَمَلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِهِ فِي بَابُ الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ كُتِبَ شَقِيًّا لَا يُعْلَمُ حَالُهُ فِي الدُّنْيَا وَكَذَا عَكْسُهُ وَاحْتَجَّ مَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ يُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ الْحَدِيثَ وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ إِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَصْلًا وَرَأْسًا فَمَرْدُودٌ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يُعْلَمُ بِطَرِيقِ الْعَلَامَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلظَّنِّ الْغَالِبِ فَنَعَمْ وَيَقْوَى ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنِ اشْتُهِرَ لَهُ لِسَانُ صِدْقٍ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَاضِي فِي الْجَنَائِزِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يُعْلَمُ قَطْعًا لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُطْلِعَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَأَطْلَعَ مَنْ شَاءَ مِمَّنِ ارْتَضَى مِنْ رُسُلِهِ عَلَيْهِ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَقَدْ عَمِلَ بِهِ جَمْعٌ جَمٌّ مِنَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ وَأَمَّا مَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِ الْعَاقِبَةِ إِنَّ سُوءَ الْخَاتِمَةِ لَا يَقَعُ لِمَنِ اسْتَقَامَ بَاطِنُهُ وَصَلُحَ ظَاهِرُهُ وَإِنَّمَا يَقَعُ لِمَنْ فِي طَوِيَّتِهِ فَسَادٌ أَوِ ارْتِيَابٌ وَيكثر وُقُوعه للمصر على الْكَبَائِر والمجزىء عَلَى الْعَظَائِمِ فَيَهْجُمُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَغْتَةً فَيَصْطَلِمُهُ

نام کتاب : فتح الباري نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 11  صفحه : 489
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست