وإنما أنكروا اسمه-تعالى- "الرحمن" أن يسمى به.
وإنكار صفة الرحمة أعظم من إنكار الاسم، وهو من أعظم الإلحاد في أسمائه –تعالى-؛ لأن وضع الاسم مقصود به الدلالة على المعنى المراد منه، وهو الرحمة، كما هو معلوم في جميع أسمائه تعالى.
وتعليلهم لنفي الرحمة عن الله-تعالى- بأنها رقة القلب التي تحمل الميل إلى المرحوم.
جوابه: أن هذه رحمة المخلوق، ووصفه، وأما رب العالمين، فليس كمثله شيء في ذاته وصفاته، فليست رحمته-تعالى- من جنس رحمة خلقه-جل وعلا-.
ومما يعجب منه أن أهل التأويل [1] يجعلون الرحمة بالنسبة للمخلوق حقيقة، وبالنسبة لله-تعالى- مجازاً، فكيف تكون رحمة أرحم الراحمين التي وسعت كل شيء مجازاً، ورحمة المخلوق الضعيف حقيقة؟
وكل العقلاء يدركون آثار رحمة الله –تعالى- في الخلق، كما يدركون آثار ربوبيته أو أعظم، وهذا من أظهر الأشياء وأوضحها.
ومعلوم أن الأسماء التي تسمى الرب –تعالى- بها –وهي كلها حسنى- لها معان يستدل بها عليها؛ لأنها مشتقة من تلك المعاني، وهذه المعاني هي الصفات، وليست أسماؤه تعالى مجرد أعلام، فالرحمن يدل على الرحمة، والعليم يدل على العلم، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا جميع أسمائه تعالى. [1] أقصد الذين يؤولون الصفات كما هي طريقة أكثر الأشعرية.