يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته" [1] .
بدء الانحراف
لما سيطر حكم الإسلام على أكثر البلاد، في آسيا، وأفريقيا، وغيرهما، دخل تحت حكمه أمم كثيرة، رغبة ورهبة، وكان لها أديان مختلفة، من يهودية، ومجوسية، ونصرانية، ووثنية، وغير ذلك، وقد كان لكثير من هذه الأمم سلطان كبير، مثل المجوس، والرومان، فسلبهم المسلمون ذلك، وكان عند هؤلاء من الكبر والاستعلاء ما يجعلهم يأنفون من كونهم تحت سلطان المسلمين، ولا سيما وقد كانوا يرون العرب من أحقر الأمم، وأقلها شأناً، كما أن اليهود واجهوا الإسلام ورسوله من أول أمره بالعداء، وحاولوا القضاء عليه بأنواع من المكائد، والمؤامرات، ولما يئس هؤلاء جميعاً من قدرتهم في مجابهة الإسلام بالقوة وجهاً لوجه انصرف جهدهم وكيدهم إلى الدسائس، والمؤامرات، والاغتيالات لرجاله العظام.
ودخل في الإسلام ظاهراً من هؤلاء من قصده إفساده، وتمزيق وحدة أهله، ولا بد أن يكون ذلك عن دراسة، وإعمال فكر وتخطيط. وربما يكون هناك جمعيات متعاونة، من المجوس واليهود، والنصارى والهنود، وغيرهم، وقد تكون لكل طائفة مؤسسات تعمل لإفساد عقائد المسلمين؛ لتيقنهم أنه لا يمكن هزيمة المسلمين، إلا بإفساد عقيدتهم، فبدأت آثار تلك المؤامرات تظهر، شيئاً فشيئاً، فقتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بأيد مجوسية، وربما بمؤامرة مجوسية يهودية.
ثم قتل الخليفة بعده، بأيد مشبوهة، من غوغاء، يدفعهم بعض دهاة اليهود والمجوس. [1] الفتوى الحموية، ملخصاً، انظر "مجموع الفتاوى" (5/706) .