ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يظن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يبين ما يعتقده العبد في ربه؛ لأن هذا هو الذي أمر بتبليغه.
قال شيخ الإسلام: " من المحال في العقل والدين أن يكون الرسول الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل عليه الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله والعلم به ملتبساً مشتبهاً، ولم يميز بين ما يجب لله، من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه، وما يمتنع عليه، فإن معرفة هذا أصل الدين، وأفضل الأعمال، فكيف يكون القرآن والرسول والصحابة - وهم أفضل الخلق بعد النبيين - لم يحكموا هذا الباب اعتقاداً وقولاً؟ ".
ومحال أن يعلم النبي -صلى الله عليه وسلم - أمته أدب الأكل والشرب، وقضاء الحاجة، ونحو ذلك، ويترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم، وما يعتقدونه في قلوبهم، في ربهم ومعبودهم، مع كون ذلك غاية المعارف، وأشرف المقاصد، والوصول إليه غاية المطالب، مع قوله -صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم" [1] .
ومحال أن يكون الذين كان فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والذين يلونهم غير عالمين للحق في باب معرفة الله، وغير قائلين به.
ومعلوم أن من في قلبه حياة ومحبة للعبادة، أنه يحرص أشد الحرص على معرفة ذلك.
وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ([2]) " خير الناس قرني، ثم الذين [1] انظر "صحيح مسلم" (12/233) شرح النووي، في الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وابن ماجه في الفتن، انظر (2/1306) رقم (3956) ، والنسائي في البيعة (7/153) . [2] البخاري، انظر "الفتح" (7/2) و (11/244، 543) .