الحب وتيمه: إذا ملكه، وذلله لمحبوبه.
فالمحبة هي حقيقة العبودية، ولا يمكن وجود العبادة التي يريدها الله ويأمر بها عباده بدونها أبداً، بل لا يوجد أي نوع من أنواع العبادة المطلوبة شرعاً بدونها، مثل الإنابة، والخشية، والخوف، والرجاء، والحمد، والشكر، والصبر، والدعاء، والاستغاثة، والاستعانة، وغير ذلك من أنواع العبادة، فمنكر المحبة في الحقيقة منكر لجميع مقامات الإيمان والإحسان، وهؤلاء المحرفون مثل هذا النص في المحبة، يغالطون أنفسهم. وهذا الحديث يدل على حسن فهم الصحابة لمعاني القرآن، حيث قالوا عن سورة الصمد: أنها صفة الرحمن، ووجه ذلك: أن هذه السورة تضمنت أنواع التزيه لله - تعالى- والتحميد، ونفي النقائص كلها، وإثبات الكمال جميعه، ولهذا عدلت ثلث القرآن - كما تقدمت الاشارة إليه.
(الكلام على معنى أحد وصمد)
فالصمدية تثبت الكمال المنافي لكل نقص وعيب، والأحدية تثبت الانفراد بذلك الكمال، فهي تدل على أنه - تعالى- أحد، ليس من جنس شيء من المخلوقات، " وأنه صمد ليس من مادة، بل هو صمد لم يلد ولم يولد، وإذا نفى عنه أن يكون مولوداً من مادة الوالد؛ فلأن ينفي عنه أن يكون من سائر المواد أولى وأحرى، فإن المولود من نظير مادته أكمل من المولود من مادة أخرى " [1] .
وقال شيخ الإسلام: " وقد فسر السلف الصمد بأنه: الذي لا جوف له، كما فسروه: بأنه السيد الذي يصمه إليه في الحوائج؛ والأول قول أكثر السلف، من الصحابة والتابعين وطوائف من أهل اللغة، والثاني: قول جمهور أهل اللغة، وطوائف من السلف والخلف.
(1) "مجموع الفتاوى" (17/452) .