وقال ابن جرير: {إليه يصعد الكلم الطيب} يقول -تعالى ذكره -: إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه، وأداء فرائضه، والانتهاء إلى ما أمر به " (1)
ثم روى عن ابن مسعود أنه قال: " إذا حدثناكم بحديث، أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله -تعالى-، إن العبد المسلم، إذا قال: سبحان الله وبحمده، الحمد لله، لا إله إلا الله والله أكبر، تبارك الله، أخذهن ملك، فجعلهن تحت جناحيه، ثم صعد بهن إلى السماء، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة، إلا استغفروا لقائلهن، حتى يجيء بهن وجه الرحمن - ثم قرأ عبد الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ([2]) ".
ثم روى قول مجاهد الذي ذكره البخاري، وروى عن الحسن، وقتادة: " لا يقبل الله قولاً إلا بعمل، من قال وأحسن العمل، قبل الله منه" [3] .
ومقصود البخاري بهذا الباب: ذكر بعض الأدلة على علو الله -تعالى-، وبيان أن ذلك ثابت بكتاب الله -تعالى- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبالعقل، والفطرة، فقد فطر الله تعالى العباد على الإيمان بذلك، وآمن الصحابة به، واتبعهم عليه كل من سلك طريق الرسل.
فالإيمان بعلو الله -تعالى- وفوقيته، فطري عقلي شرعي، ومن خالف ذلك فقد انحرف عن طريق الرسل، وسلك في ذلك غير سبيل المؤمنين.
ولبيان أن الإيمان بذلك فطري، عقلي، ذكر قول أبي ذر، قبل أن يسلم، أنه قال لأخيه: " أعلم لي علم هذا الرجل، الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء " كما يأتي بيانه.
(1) "تفسير الطبري" (22/120) . [2] المرجع السابق.
(3) "الطبري" (22/121) .