قوله: " كان حقاً على الله أن يدخله الجنة" قد تقدم الكلام على حق العباد على الله، في حديث معاذ، في الباب الأول، وهو حق أحقه الله -تعالى- على نفسه كما قال -تعالى-: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [1] .
قال الحافظ: " ليس معنى ذلك، أنه لازم له، لأنه لا آمر له، ولا ناهي يوجب عليه، ويلزمه المطالبة به، وإنما معناه إنجاز ما وعد به من الثواب، وهو لا يخلف الميعاد" [2] .
قلت: لا يلزم من كونه حقاً واجباً، أن يكون له آمر وناه يوجب عليه ذلك، بل هو -تعالى- الذي أوجبه على نفسه، فلا بد من وقوعه، كما أخبر -تعالى-.
قوله: " هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها" الهجرة في اللغة هي: الترك، والمفارقة. والمقصود بها هنا: الانتقال من بلد الشرك والكفر إلى بلد الإسلام، وهي واجبة على المسلم إذا خاف الفتنة في دينه، أو منع من ممارسة شعائر دينه، وإعلانه ظاهراً.
وتكون الهجرة بالنية والقصد، وتكون باللسان، وبالبدن.
قال الراغب: " الهجر، والهجران: مفارقة الإنسان غيره، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب، قال -تعالى-: {واهجروهن في المضاجع} [3] كناية عن عدم قربهن.
وقال تعالى: {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً} [4] ، فهذا هجر بالقلب واللسان.
وقوله: {واهجرهم هجراً جميلاً} [5] يحتمل الثلاثة، وقوله: {والرجز [1] الآية 54 من سورة الأنعام.
(2) "الفتح" (13/413) . [3] الآية 34 من سورة النساء. [4] الآية 30 من سورة الفرقان. [5] الآية 10 من سورة المزمل.