قال شيخ الإسلام: "وقربه - سبحانه - ودنوه من بعض مخلوقاته، لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو فوق العرش ويقرب من خلقه كيف شاء، كما قال ذلك من قاله من السلف، وهذا كقربه إلى موسى لما كلمه من الشجرة، قال -تعالى-: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [1] .
والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته، وهو القول المعروف للسلف، والأئمة، وهو قول الأشعري، وغيره من الكلابية، فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته، وأما
دنوه نفسه، وتقربه من بعض عباده، فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، وهو مذهب أئمة السلف، وأئمة الإسلام المشهورين، وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر" [2] .
وقوله: "وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" الهرولة: السرعة في المشي، بين المشي والعدو، وهو تمثيل لكرم الله وجوده على عبده، وأنه إذا أقبل إليه، فهو - سبحانه - أسرع إقبالاً وتفضلاً على عبده، من غير مقابل يناله من العبد، بل هو الغني بذاته عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، ويؤخذ من الحديث: عظم فضل الله وكرمه، وعظم فضل الذكر. [1] الآية 52 من سورة مريم.
(2) "مجموع الفتاوى" باختصار (5/460-466) .