عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" [1] .
وتقدم ذكر حديث ابن مسعود في "المسند" مرفوعاً: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك" [2] .
فهذه النصوص واضحة في أن المراد بالنفس هو الله -تعالى- كما قلنا.
ولا يخالف ذلك ما قاله ابن خزيمة والأئمة؛ لأن مقصودهم إثبات ما أثبته الله من غير تعرض له بتأويل أو تمثيل، تعالى الله عن الأمثال والأنداد، والتمسك بالنصوص التي قالها الله ورسوله، مع الإعراض عما يقوله أهل التأويل، وأصحاب
الوساوس الشيطانية، التي تعود على النصوص بالإبطال، وحسب المسلم أن يسعه ما وسع السلف الصالح من الصحابة، ومن سلك طريقهم.
وليس معنى ذلك الإعراض عن معاني النصوص، كما يتوهمه بعض الناس من مذهب السلف، ويعبرون عنه بالتفويض.
بل المقصود إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، مع فقه المعنى اللائق بعظمة الله -تعالى- وفهمه، على ما دل عليه قوله -تعالى-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ونحوها من الآيات المحكمات، والأمر في هذا واضح لمن تمسك بالكتاب والسنة.
روى ابن جرير، عن مجاهد، في قوله -تعالى-: {إن الساعة آتية أكاد أخفيها} [3] .
(1) "سنن أبي داود" (2/134) ، والترمذي (5/187) رقم (3562) ، والنسائي (3/249) ، وابن ماجه (1/373) رقم (1179) ، ورواه مسلم في "صحيحه" (1/352) رقم (222) .
(2) "المسند" (5/267) ، (6/153) تحقيق: أحمد شاكر. [3] الآية 15 من سورة طه.