الدليل الأول: أنها فريضة جمعت ولد الأبوين وولد الأم وهم من أهل الميراث فإذا ورث ولد الأم ورث ولد الأبوين، كما لو لم يكن فيها زوج[1].
الدليل الثاني: أن الإرث موضوع على تقديم الأقوى على الأضعف وأدنى أحوال الأقوى مشاركته للأضعف، فليس في أصول الميراث سقوط الأقوى بالأضعف، وولد الأب والأم أقوى من ولد الأم لمساواتهم لهم في إدلائهم بالأم وزيادتهم بالأب فإذا لم يزدهم الأب قوة لم يضعفهم وأسوأ الأحوال أن يكون وجوده كعدمه[2].
والجواب عن الدليل الأول: أنه قياس مع الفارق؛ وذلك أنه إذا لم يكن فيها زوج يبقى لهم باق فيأخذونه، وأما في هذه فقد استغرقت فروض المسألة، فلا يستحقون شيئا.
والجواب عن الدليل الثاني: أن هذا الكلام استحسان، لكنه استحسان يخالف الكتاب والميزان؛ فإنه ظلم للإخوة من الأم حيث يؤخذ حقهم ويعطاه لغيرهم[3]. وقد قال العلامة ابن قيم الجوزية ما نصه: "فإن قيل الأب إن لم ينفعهم لم يضرهم، قيل: بل قد يضرهم كما ينفعهم؛ فإن ولد الأم لو كان واحدا وولد الأبوين مائة وفضل نصف سدس انفرد ولد الأم بالسدس واشترك ولد الأبوين في نصف السدس فهلا قبلتم قولهم ههنا: هب أن أبانا كان حمارا؟ وهلا قدرتم الأب معدوما فخرجتم عن القياس كما خرجتم عن النص؟ وإذا جاز أن ينقصهم الأب جاز أن يحرمهم، وأيضا فالقرابة المتصلة الملتئمة من الذكر والأنثى لا تفرق أحكامه، هذه قاعدة النسب في الفرائض وغيرها، فالأخ من [1] انظر فتح القريب المجيب1/61، والعذب الفائض1/102. [2] انظر فتح القريب المجيب1/61، والعذب الفائض1/102. [3] انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية31/342؛ وإعلام الموقعين1/357.