responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 642
وَحَدَّثَنِي مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنْ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ وَلَا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1850 - 1804 - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَقُولُ: لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَتَقْسُوَ) - بِالنَّصْبِ - (قُلُوبَكُمْ) ، فَلَا يَنْفَعُهَا عِظَةٌ، وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حِكْمَةٌ، (فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ) ذَلِكَ، وَهَذَا قَدْ جَاءَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةُ الْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(وَلَا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ) ، جَمْعُ رَبٍّ، (وَ) لَكِنِ (انْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ) يَخَافُونَ اطِّلَاعَ سَادَاتِهِمْ عَلَى ذُنُوبِهِمْ، فَيَحْذَرُونَ مِنْهَا، (فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى) بِالذُّنُوبِ، (وَمُعَافًى) مِنْهَا، (فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ) بِنَحْوِ الدُّعَاءِ بِرَفْعِهِ عَنْهُمْ، وَعَدَمِ النَّظَرِ إِلَى ذُنُوبِهِمْ وَهَتْكِهِمْ بِهَا، عِظُوهُمْ بِلِينٍ وَرِفْقٍ، (وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ) لِيُدِيمَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ.

بِالْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ بِالْأَلْفَاظِ الْقَلِيلَةِ، وَعَلَى مَدْحِ الْإِطْنَابِ فِي مَقَامِ الْخِطَابِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبَيَانِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، نَعَمْ، الْإِفْرَاطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَذْمُومٌ، وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ التِّينِ: الْبَيَانُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا مَا يَقَعُ بِهِ الْإِبَانَةُ عَنِ الْمُرَادِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَالْآخَرُ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةُ تَحْسِينِ اللَّفْظِ بِحَيْثُ يَرُوقُ لِلسَّامِعِينَ، وَيَسْتَمِيلُ قُلُوبَهُمْ، وَهَذَا الَّذِي يُشَبَّهُ بِالسِّحْرِ ; لِأَنَّهُ صَرَفَ الشَّيْءَ عَنْ حَقِيقَتِهِ، رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَاجَةً كَانَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إِسْعَافُهُ بِهَا، فَاسْتَمَالَ قَلْبَهُ بِالْكَلَامِ، فَأَنْجَزَهَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا هُوَ السِّحْرُ الْحَلَالُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ سَارَ هَذَا الْحَدِيثُ سَيْرَ الْمَثَلِ فِي النَّاسِ، إِذَا سَمِعُوا كَلَامًا يُعْجِبُهُمْ قَالُوا: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا، وَرُبَّمَا قَالُوا: السِّحْرُ الْحَلَالُ، وَمِنْهُمْ أَخَذَ الْقَائِلُ:
وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلَالُ لَوْ أَنَّهُ ... لَمْ يَجْرِ قَتْلُ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَرِّزِ
إِنْ طَالَ لَمْ يُمْلِلْ وَإِنْ هِيَ أَوْجَزَتْ ... وَدَّ الْمُحَدَّثُ أَنَّهَا لَمْ تُوجِزِ
شَرَكُ الْعُقُولِ وَنُزْهَةٌ مَا مِثْلُهَا ... السَّامِعِينَ وَغَفْلَةُ الْمُسْتَوْفِزِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الطِّبِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ مَوْصُولًا، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْأَدَبِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْبِرِّ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 642
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست