responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 641
فَفَخَرَ الزِّبْرِقَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ، وَالْمُطَاعُ فِيهِمْ، وَالْمُجَابُ لَدَيْهِمْ، أَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ، وَآخُذُ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَهَذَا، أَيْ عَمْرٌو، يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّهُ لَشَدِيدُ الْعَارِضَةِ، مَانِعٌ لِجَانِبِهِ، مُطَاعٌ فِي أَدْنَيْهِ، فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا قَالَ، وَمَا مَنَعَهُ إِلَّا الْحَسَدُ، فَقَالَ عَمْرٌو: أَنَا أَحْسُدُكَ! وَاللَّهِ إِنَّكَ لَئِيمُ الْخَالِ، حَدِيثُ الْمَالِ، أَحْمَقُ الْوَالِدِ، مُضَيَّعٌ فِي الْعَشِيرَةِ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأُولَى، وَمَا كَذَبْتُ فِي الْأُخْرَى، لَكِنِّي رَجُلٌ إِذَا رَضِيتُ قُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ، وَإِذَا غَضِبْتُ قُلْتُ أَقْبَحَ مَا وَجَدْتُ، وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأُولَى، وَالْأُخْرَى جَمِيعًا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» "، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ تَمِيمٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَا هُمَا الْمُرَادَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو وَحْدَهُ، وَكَانَ كَلَامُهُ فِي مُرَاجَعَةِ الزِّبْرِقَانِ، فَلَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْخُطْبَةِ إِلَيْهِمَا، إِلَّا عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ.
(فَخَطَبَا فَعَجِبَ النَّاسُ) مِنْهُمَا لِبَيَانِهِمَا، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» ) ; يَعْنِي أَنَّ مِنْهُ لَنَوْعًا يَحُلُّ مِنَ الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ فِي التَّمْوِيهِ مَحَلَّ السِّحْرِ، فَإِنَّ السَّاحِرَ بِسِحْرِهِ يُزَيِّنُ الْبَاطِلَ فِي عَيْنِ الْمَسْحُورِ، حَتَّى يَرَاهُ حَقًّا، فَكَذَا الْمُتَكَلِّمُ بِمَهَارَتِهِ فِي الْبَيَانِ، وَتَقَلُّبِهِ فِي الْبَلَاغَةِ، وَتَرْصِيفُ النَّظْمِ يَسْلُبُ عَقْلَ السَّامِعِ، وَيَشْغَلُهُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِيهِ وَالتَّدَبُّرِ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ الْبَاطِلُ حَقًّا، وَالْحَقُّ بَاطِلًا، فَتُسْتَمَالُ بِهِ الْقُلُوبُ كَمَا تُسْتَمَالُ بِالسِّحْرِ، فَشُبِّهَ بِهِ تَشَبُّهًا بَلِيغًا بِحَذْفِ الْأَدَاةِ.
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَصْلُهُ: إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ كَالسِّحْرِ، لَكِنَّهُ جَعَلَ الْخَبَرَ مُبْتَدَأً مُبَالَغَةً فِي جَعْلِ الْأَصْلِ فَرْعًا، وَالْفَرْعِ أَصْلًا.
(أَوْ قَالَ: «إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ» ) ، شَكَّ الرَّاوِي فِي اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ، وَإِنِ اتَّحَدَ الْمَعْنَى فَإِنَّ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ، قَالَ الْبَاجِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ قَوْمٌ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الذَّمِّ ; لِأَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِ سِحْرٌ، أَوْ هُوَ مَذْمُومٌ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ فِيمَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَالَ قَوْمٌ: خَرَجَ مَخْرَجَ الْمَدْحِ ; لِأَنَّ اللَّهَ امْتَنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ؛ " {خَلَقَ الْإِنْسَانَ - عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 14 - 4] "، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْلَغَ النَّاسِ، وَأَفْضَلَهُمْ بَيَانًا، قَالَ هَؤُلَاءِ: وَإِنَّمَا جَعَلَهُ سِحْرًا لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّفْسِ، وَمَيْلِهَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ: حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَا يُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي، إِذَا كَانَ فِي تَزْيِينِ الْحَقِّ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَكْثَرُ مَا يُقَالُ لَيْسَ ذَمًّا لِلْبَيَانِ كُلِّهِ، وَلَا مَدْحًا ; لِأَنَّهُ أَتَى بِـ " مِنْ " الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ قَالَ: وَكَيْفَ نَذُمُّهُ، وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ - عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 4] (سورة الرَّحْمَنِ: الْآيَةُ 3، 4) ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْآيَةِ مَا يَقَعُ بِهِ الْإِبَانَةُ عَنِ الْمُرَادِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، لَا خُصُوصُ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَدْحِ الْإِيجَازِ وَالْإِتْيَانِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 641
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست