وقال مالك رحمه الله: كلاهما غير مفسد.
وقيل لأحمد: لو وجدت مالك بن حنبل أنس هل تقتدي خلفه؟ قال: لم لا أقتدي؟
وفي فتاوى الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى في المجلد الثاني: أن القاضي أبا يوسف رحمه الله اقتدى خلف هارون الرشيد الخليفة هو وكان الرشيد مفتصداً، والحال أن الدم مفسد للصلاةِ والوضوء عند أبي يوسف إلا أن مالكاً رحمه الله كان أفتى هارون الرشيد بعدم نقض الوضوء بالدم ولو سائلاً، فعُلم أن العبرة لرأي الإمام، ونقل ابن الهمام عن شيخه سراج الدين قارئ الهداية: أن نفي الاقتداء خلف المخالف من المتأخرين لا من المتقدمين، ثم أورد ابن الهمام عليه بمسألة الجامع الصغير، وعندي لا يرد على قارئ الهداية ما في الجامع الصغير، لأن القبلة من الحسيات لها سبيل إلى درك الواقع بخلاف أكثر المسائل الاجتهادية، ولو اقتدى حنفي شافعياً في الوتر، وسلَّم الشافعي على الشفعة ثم أتم الوتر كما هو مذهب الشوافع لا تفسد صلاة الحنفي كما قال ابن وهبان في منظومه:
~ ولو حنفي قام خلف مسلم ... لشفع ولم يوتر وثم فموتر
ولا يتوهم أن في الاقتداء خلف المخالف خروجاً عن المذهب، فإنه غلط فإنا لو سئلنا مثلاً: إن صلاة الشافعي مع الدم هل هي صحيحة على رأيه أم لا؟ فلا بد من أن تقول بصحة صلاته. (واقعة) : مَرَّ الدامغاني عند مسجد أبي إسحاق الشيرازي الشافعي، فإذا كان وقت الصلاة قريباً فدخل الدامغاني الحنفي، فامر أبو إسحاق المؤذنَ أن لا يرجِّع، وقدم الدامغاني فصلى بهم الدامغاني صلاة الشوافع، (ف) : الحق في موضع الخلاف واحدُ ودائر وهو المشهور عند أرباب الأصول، وقيل: الحق متعدد ونسب هذا إلى المعتزلة وصرح في فتح الباري بأنه مروي عن الأئمة الأربعة، وهو مذهب الصاحبين ومختار الشاه ولي الله في عقد الجيد، وفي جمع الجوامع أنه قول الأشعري، ومع هذا لا