[437] قال أبو حنيفة: إن الأفضل أربع بتسليمة في الملوين، وقال صاحباه بأفضلية الأربع بتسليمة بالنهار، والمثنى بالليل، وقال الشافعي بأفضلية مثنى مثنى في الملوين، وقال مالك بن أنس لا تجوز أربع بتسليمة بالليل وصورة الاختلاف من أراد أن يصلي أربعاً، وأما لو أراد أن يصلي ركعتين فقط فليس بمورد النزاع.
قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) هذه الجملة مفيدة للقصر، وقال الشافعية: إن القصر قصر الأفضلية، وقال الموالك: قصر الجواز، ولا يصح القصران على مذهب أبي حنيفة وقال تقي الدين بن دقيق العيد: إن القصر ليس بمنحصر في هذين القسمين بل قصر آخر أي قصر أقل ما يصح وما يجوز، وأقول: إن هذا القصر يراد به إذا لم تكن قرائن القصرين الأوليين من قوله عليه الصلاة والسلام أو فعله في أكثر الأحيان، ولم يثبت حديث ينص على أربع بالليل بتسليمة، وتمسك الأحناف في مذهب أبي حنيفة بحديث عائشة حديث الصحيحين: كان يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن. إلخ، وأقول: إنه ليس بحجة لنا، فإن الحديث مبهم ولا يدل على أنها بتسليمة واحدة بل هي محمولة عندي على هيأة التراويح في زماننا أي التسليمة على ركعتين ركعتين والترويحة على أربعة، ومر عليه أبو عمر في التمهيد، وقال في شرح الحديث مثل ما قلت، وإنما جمعت بين أربع لعدم الوقفة والترويحة على ركعتين، ثم وجدت في السنن الكبرى مرفوعاً: يصلي أربعاً فيتروح إلخ، ويدل على التسليم على ركعتين عن عائشة ما في مسلم ص254 يسلم بين كل ركعتين، وفي النسائي عن أم سلمة: يسلم على كل ركعتين، فلا يكون حجة لنا ناهضة فإن الرواة بعضهم يعبرون المراد مجملاً، وبعضهم يفصحون بالمراد ويذكرون التسليم على كل ركعتين والأولون لا يذكرون التسليم فلا يمكن الاستدلال بالإجمال، فالحاصل أني لم أجد ما يدل على مختار أبي حنيفة رحمه الله إلا ما روي عن ابن مسعود موقوفاً، ولكنه مرفوع حكماً
بسند قوي أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: من صلى أربعاً بتسليمة واحدة بالليل عدلن بمثل قيام ليلة القدر، وإنما قلت: إنه مرفوع حكماً فإن ذكر فضل العمل لا يمكن لأحد بلا إخبار الشارع، ولهذا تتبعت الكتب لأجد الرواية عن أبي حنيفة مثل الصاحبين، ولكني لم أجد مع التتبع الكثير ولو وجدت عنه لرجحت ولو شاذة.
أجاب ابن همام عن حديث الباب بتأويلين:
الأول: أن لفظ مثنى ناف للواحد والثلاثة وأما الأربع فليست بداخلة تحته.