تفسير سورة الإخلاص للحافظ ابن تيمية رحمه الله، ثم اختلف الصوفية بعد اتفاقهم على مادية الروح في أنه كالبدن للثياب، أو أعضاءه سارية في أعضاء الجسد المشاهد، وقال الشيخ الأكبر في الفصوص: الروح يتشكل بأشكال مختلفة، وقال الجهلاء الفلاسفة: إن الروح مجرد، وتشبثوا بأوهام بما هي أوهن من بيت العنكبوت، منها ما قال الفارابي: إن الروح محل التصور والتصديق وهما معنيان مجردان، ومحل المجرد مجرد، وهذا كما ترى لأنه لم لا يجوز أن يكون تعلق التصور والتصديق بالروح كتعلق النفس الناطقة بالبدن المادي؟
قوله: (هذا حديث حسن صحيح) الحسن والصحيح متقابلان في المشهور، لأن الصحيح ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله ويكون سالماً عن العلة والشذوذ والنكارة، والحسن الذي يكون رواته أقل اتفاقاً من رواة الصحيح وأقل ضبطاً من رواته، فكيف جمع المصنف بين المتنافيين فالأجوبة عديدة، منهاما قال الحافظ ابن حجر: بتقدير كلمته «أو» وعلى تقدير «أو» يكون الحاصل هذا الحديث حسن أو صحيح، أي تردد الترمذي في الحسن والصحة، أو يقال: بتقدير الواو أي حسن وصحيح، والحسن باعتبار طريق، والصحة باعتبار طريق آخر، لكنه ليس بشاف، فإن هذا التردد من الترمذي بعيد، وأما تقدير الواو فلا يجري في جميع المواضع، ومنها ما قال الحافظ عماد الدين ابن كثير: إن الحسن الصحيح مرتبة بين الحسن والصحيح، كالحلو الحامض لكنه أيضاً غير صحيح، لأنه يأتي بأحاديث الصحيحين ويحكم عليها بالحسن الصحيح، والحق ما قال ابن دقيق العيد في الاقتراح: بأنهما متبائنان مفهوماً، ومتصادقان مصداقاً، وبينهما عموم وخصوص مصداقاً كالظاهر والنص، وسيأتي بعض كلام على هذا عن قريب.
مقدمة
واعلم أن الصحيح عندي على أربعة أقسام:
أحدها: أن يكون رواته ثقات وعدولاً ويساعده تعامل السلف.
والثاني: أن يصححه إمام من أئمة الحديث بخصوصه.
والثالث: أن يخرجه من التزم الصحة في كتابه مثل صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن السكن، وصحيح ابن حبان، والنسائي، وإن لم يحكم عليه بخصوصه بالصّحة.
والرابع: أن يكون الرواة سالمين عن الجرح، ويكونون ثقات فعندي المرتبة الأولى أعلى مراتب الصحيح.
والتواتر عندي أيضاً على أربعة أقسام:
أحدها: تواتر الإسناد: وهو أن يروي الحديث جماعة يستحيل اجتماعهم على الكذب، وكذلك يكون في القرون الثلاثة وهذا التواتر تواتر المحدثين.