أي تنزيل الناقص منزلة المعدوم، واستعمال ما هو للمعدوم في الناقص لا في الدلالة والكلام كما قال صحابي: ما أجزء منا أحد من أجزء فلان في قتل قزمان المشركين في غزوة خيبر كما في الصحيحين.
دقيقة: واعلم أن الباء الداخلة على «بفاتحة الكتاب» في حديث الباب ليست إلا للتعدية فإن القراءة ونحوها من المسح والوتر كان متعدياً بنفسه في اللغة، ثم إذا نقل إلى الشريعة صار لازماً، فعندي بالباء كما قال العلماء في {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] أنه إما لازم وإما متعدٍ، وكذلك أقول في باء {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ولم ينبه الأصوليون على هذه الضابطة، ونبه عليها الزمخشري في المفصل، وكذلك أشار إليها في الكشاف في آية: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَة} [مريم: 25] أي افعلي فعل الهز، وكذلك أشار سيبويه حين قال: إن المزيد يدخل على المجرد، مثل: قبرته وأقبرته، ومعنى أقبرته أدخلته في القبر، وكذلك أقول في أتتني صحيفة فلان فقرأت بها، خلافَ، ما قال ابن هشام في المغني، معناه قرأت تبركاً بها، وأقول: الباء عندي للتعدية، وقال الطيبي في شرح المشكاة بتضمين الابتداء في حديث الباب، أي لا صلاة لمن لم يبدأ بفاتحة الكتاب، وهذا يفيدنا في وجوب ضم السورة، وعن مالك رحمه الله أيضاً وجوب ضم السورة كما في الهداية ص (94) ، ولكني لم أرض بما قال الطيبي، وإن قيل: لقد تواتر العمل بقراءة الفاتحة فتكون فرضاً لثبوتها بالقطع، نقول: إن التواتر عملاً في الإتيان بها لا على كونها ركناً كما ثبت التواتر عملاً في بعض المستحبات.
باب ماجاء في التأمين
[248] قال مالك: يؤمن المقتدي فقط سراً وهكذا مروي عن أبي حنيفة في موطأ محمد ص (105) ، والرواية الثانية عن أبي حنيفة وهو مختار صاحبيه أن يأتي به الإمام والمقتدى سراً، والقول الجديد للشافعي: أن يجهر الإمام ويسر القوم، وفي القديم جهرهما به، وبه قال أحمد بن حنبل، ولم أجد تصريح الجهر عن الموالك، بل صرح في المدونة بالإخفاء، وأما السلف الصالحون فإلى الطرفين،