والمسألة الثانية: قراءة الفاتحة خلف الإمام، والمذكورة هاهنا الأولى، وأما الثانية فمذهب أبي حنيفة وأحمد ومالك والجمهور نفي القراءة خلف الإمام في الجهرية، واختلفوا في السرية، قيل: سنة، وقيل: مستحبة، وقيل: مباحة، وقال الشافعي بوجوبها في السرية والجهرية، وكان قول الشافعي: القديم عدم وجوبها في الجهرية، وقوله الجديد وجوبها كما قال المزني في مختصره، بلغنا من بعض أصحابنا أن الشافعي قال كذا، وقال الشافعية: إن ذلك المبلغ هو ربيع بن سليمان تلميذ الشافعي، ولم يذكر الشافعي رحمه الله وجوبها في الجهرية في كتاب الأم، وأما المتقدمون مثل صاحب المذهب فيذكرون القولين، وأما المتأخرون فلا يذكرون إلا الجديد.
قوله: (لا صلاة لمن لم يقرأ) حديث الباب أخرجه أرباب الصحيحين لا القصة المذكورة، أقول: إن حديث الباب ليس في حق الجماعة، بل في حق الجماعة حديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له» وحديث «إذا قرأ فانصتوا» إلخ، وقال بعض الأحناف: إن النفي في «لا صلاة» نفي الكمال وعندي أنه مدخول فيه فإن الفاتحة واجبة عندنا، ويلزم على هذا نفي الوجوب، فإن ظني الدلالة والثبوت لا يوجب الوجوب كما صرح به الأصوليون، والحق أن يبحث في ظنية الثبوت لا الدلالة ولم يتعرض صاحب الهداية ص (97) إلى الدلالة أصلاً، وأقول: إن تقدير لا صلاة كاملة أيضاً غير فصيح عندي، قال حذاق النحاة: إنه يكفي في التقدير رائحة المقدر لا أن يقدر في العبارة والنظم، وقالوا: إن متعلق الجار، وكذلك عامل الحال المستنبط من الإشارة أو التنبيه عامل معنوي، وزعمه القاصرون، ذكره في نظم العبارة، وإني لا أقول بالتقدير فيما يتلفظ في نوعه، فلا أقول بالتقدير في الظرف المستقر، نعم أقول بتقدير المبتدأ والخبر، وقال الرضي: من قال: زيد كائن في الدار خرج من لغة العرب، فلا أقول بتقدير الكمال، نعم قد أقول بنفي الكمال إلا أنه بنفي الكمال في المصداق