نكلفهم من الأعمال ما يشق عليهم، ويهد من قوتهم، أو يستفرغ جهدهم [1] ، بل التكليف بالسهل المستطاع الذي لا يسأمه الخادم، فإن كلفناهم بالشاق وجب علينا أن نعينهم بنفوسنا أو بخدم إلى خدمنا والحديث نصر للعمال، وأخذ بيد الخادم والغلمان؛ ورفع لمستواهم وتنبيه لهم إلى حقوقهم قبل ساداتهم؛ وإرشاد لأرباب البيوت أن يقفوا منهم موقف العدالة. ولا يتناسوا رابطة الأخوة. ولا تبادل المنافع؛ وفيه النهي عن سباب للخدم وعدم التعرض لآبائهم وأمهاتهم بما يسوؤهم. أو يحط من قدرهم.
وبعد: فهذه اشتراكية الإسلام وهذا موقفه نحو الأرقاء. وهذا حرصه على مصلحة العمال. فهل بعد هذا رقي في دين؟
31- باب: أكبر الكبائر
عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر- ثلاثا» - قالوا: بلى يا رسول الله قال: «الإشراك بالله. وعقوق الوالدين» ، وجلس، وكان متّكئا فقال: «ألا وقول الزّور» ، قال: فما زال يكرّرها حتّى قلنا: ليته سكت. [رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي [2] ] .
اللغة:
نبأه وأنبأه: أخبره بمهم. وبلى: حرف تصديق مثل نعم؛ وأكثر ما تستعمل بعد الاستفهام، والعقوق: الإيذاء والعصيان، أصله من العق: وهو الشق والقطع والزور الباطل. وأصله تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل لمن سمعه أنه بخلاف ما هو به.
الشرح:
الذنوب درجات؛ فما فحش ضرره فكبيرة؛ وما زاد فحشه فأكبر [1] يستفرغ جهدهم: يستنفذ جهدهم وقوتهم. [2] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: عقوق الوالدين من الكبائر (5976) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان الكبائر وأكبرها (255) . ورواه الترمذي في كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في عقوق الوالدين (1901) . ورواه النسائي في كتاب: التحريم باب: ذكر الكبائر (4021) .