أنس في الصحيحين «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» [1] .
وذهب طائفة إلى جواز بدئنا لهم بالسلام، وهو مروي عن ابن عباس وأبي أمامة وغيرهما، وهو رأي لبعض الشافعية محتجين بعموم الأحاديث الآمرة به وبإفشائه، وقال بعض الشافعية يكون ابتداؤهم بالسلام، ولا يحرم، وقد قال العلماء:
إن كلمة السلام في التحية اسم من أسماء الله تعالى، فمعنى السلام عليكم: أنتم في حفظ الله ورعايته، كما يقال: الله معك، والله يصحبك، وقيل هي بمعنى السلامة، أي سلامة الله ملازمة لك، وقدمنا لك في الحديث السابق بعض مباحث السلام.
7- تشميت العاطس:
تشميته الدعاء له كما قدمنا، وصيغته الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن العاطس إذا ما قال: الحمد لله قال له المشمت: يرحمك الله، فيجيبه العاطس: يهداكم الله ويصلح بالكم» [2] ، فإن لم يحمد الله فلا يشمت، روى البخاري عن أنس أن رجلين عطسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر، فقال الرجل: يا رسول الله شمت هذا، ولم تشمتني، قال: «إن هذا حمد الله، ولم تحمد الله» [3] ، وإنما يحمد العاطس شكرا لله على نعمة العطاس، الذي أذهب عنه الضرر فإنه يخرج الأبخرة المحتقنة في الدماغ، التي لو بقيت فيه أحدثت أدواء عسرة، وسلامة أعضائه والتئامها [4] بعد هذه الرجة الشديدة نعمة أخرى تستدعي الحمد.
ولما كان الحمد طاعة لله كان من موجبات الرحمة، فدعا له بها المشمت.
والعاطس كافأه بطلب الهداية له وإصلاح الحال.
وقد قال العلماء: إن العاطس إذا لم يكن مسلما دعي له بالهداية دون الرحمة لما رواه أبو داود والترمذي عن أبي موسى قال: كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله. فيقول: «يهداكم الله ويصلح بالكم» [5] ، [1] رواه مسلم في كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم (5617) . [2] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: إذا عطس كيف يشمت (6224) . [3] رواه البخاري في كتاب: الأدب، باب: لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله (6225) . [4] التئامها: التأم الشيء: انضم والتصق. [5] رواه أبو داود في كتاب: الأدب، باب: كيف يشمت الذمي (5038) . ورواه الترمذي في كتاب: الأدب، باب: ما جاء كيف تشميت العاطس (2739) .