هذا وللحديث بقية، فنذكر لك أصله- قال البخاري [1] : حدثنا مسلم، حدثنا شعبة، حدثنا سعيد بن أبي بردة، عن أبيه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم جده أبا موسى ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا. وبشرا ولا تنفرا. وتطاوعا ولا تختلفا» ، قال أبا موسى: يا نبي الله إن أرضنا بها شرب من الشعير المزر [2] ، وشراب من العسل البتع [3] ... فقال: «كل مسكر حرام» فانطلقا. فقال معاذ لأبي موسى كيف تقرأ القرآن؟ قال: قائما، وقاعدا، وعلى راحلتي، وأتفوقه تفوقا- أي لا أقرأ وردي منه دفعة واحدة، ولكن أقرؤه شيئا بعد شيء في ليلي ونهاري، مأخوذ من فواق الناقة لأنها تحلب، ثم تراح حتى تدر، ثم تحلب- قال: أما أنا فأنام، فأقوم، وأنام فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي، وضرب فسطاطا- بيتا من شعر- فجعلا يتواران فزار معاذ أبا موسى، فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم، ثم ارتد، فقال معاذ: لأضربن عنقه.
39- باب: إطعام الجائع وعيادة المريض
عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني» . [رواه البخاري [4] ] .
اللغة:
العيادة: الزيارة، وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عائد وقد اشتهرت العيادة في زيارة المريض حتى صارت كأنها مختصة به. والعاني: الأسير. وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا يعنو وهو عان. والمرأة عانية، والجمع عوان، ومنه الحديث: «اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم» أي أسراء أو كالأسراء.
الشرح:
في هذا الحديث طلب أمور ثلاثة: [1] رواه البخاري في كتاب: المغازي، باب: بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع (4341) . [2] المزر: نبيذ الشعير، ونبيذ الذرة خاصة. [3] البتع: نبيذ العسل. [4] رواه البخاري في كتاب: المرضى، باب: وجوب عيادة المريض (5649) .