responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأخبار الموفقيات نویسنده : الزبير بن بكار    جلد : 1  صفحه : 224
فَبَلَغَ شِعْرُ حَسَّانٍ قُرَيْشًا، وَأَمَرُوا ابْنَ أَبِي عَزَّةَ شَاعِرَهُمْ أَنْ يُجِيبَهُمْ، فَقَالَ:
مَعْشَرَ الأَنْصَارِ خَافُوا رَبَّكُمْ ... وَاسْتَجِيرُوا اللَّهَ مِنْ شَرِّ الْفِتَنْ
إِنَّنِي أَرْهَبُ حَرْبًا لاقِحًا ... يَشْرَقُ الْمُرْضَعُ فِيهَا بِاللَّبَنْ
جَرَّهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ فِتْنَةٌ ... لَيْتَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لَمْ يَكُنْ
خَلْفَ بُرْهُوتٍ خَفِيًّا شَخْصُهُ ... بَيْنَ بُصْرَى ذِي رُعَيْنٍ وَجَدَنْ
لَيْسَ مَا قَدَّرَ سَعْدٌ كَائِنًا ... مَا جَرَى الْبَحْرُ وَمَا دَامَ حَضَنْ
لَيْسَ بِالْقَاطِعِ مِنَّا شَعْرَةً ... كَيْفَ يُرْجَى خَيْرُ أَمْرٍ لَمْ يَحِنْ
لَيْسَ بِالْمُدْرِكِ مِنْهَا أَبَدًا ... غَيْرَ أَضْغَاثِ أَمَانِيِّ الْوَسَنْ
لَمَّا اجْتَمَعَ جُمْهُورُ النَّاسِ لأَبِي بَكْرٍ أَكْرَمَتْ قُرَيْشٌ مَعْنَ بْنَ عَدِيٍّ، وَعُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ، وَكَانَ لَهُمَا فَضْلٌ قَدِيمٌ فِي الإِسْلامِ.
فَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ لَهُمَا فِي مَجْلِسٍ وَدَعَوْهُمَا، فَلَمَّا أَحْضَرَا أَقْبَلَتِ الأَنْصَارُ عَلَيْهِمَا، فَعَيَّرُوهُمَا بِانْطِلاقِهِمَا إِلَى الْمُهَاجِرِينَ، وَأَكْبَرُوا فِعْلَهُمَا فِي ذَلِكَ.
فَتَكَلَّمَ مَعْنٌ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، وَقَدْ كَانَ مِنْكُمْ أَمْرٌ عَظِيمُ الْبَلاءِ، وَصغَّرَتْهُ الْعَاقِبَةُ، فَلَوْ كَانَ لَكُمْ عَلَى قُرَيْشٍ مَا لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ ثُمَّ أَرَدْتُمُوهُمْ لِمَا أَرَادُوكُمْ بِهِ، لَمْ آمَنْ عَلَيْهِمْ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا آمَنُ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ، فَإِنْ تَعْرِفُوا الْخَطَأَ فَقَدْ خَرَجْتُمْ مِنْهُ وَإِلا فَأَنْتُمْ فِيهِ.
ثُمَّ تَكَلَّمَ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارَ، إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ مَا أَرَدْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى حُسْنِ الْبَلاءِ وَطُولِ الْعَافِيَةِ، وَصَرْفِ هَذِهِ الْبَلِيَّةِ عَنْكُمْ، وَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَوَّلِ فِتْنَتِكُمْ، وَآخِرِهَا فَوَجَدْتُهَا جَاءَتْ مِنَ الأَمَانِيِّ، وَالْحَسَدِ، وَاحْذَرُوا النِّعَمَ، فَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ صَيَّرَ إِلَيْكُمْ هَذَا الأَمْرَ بِحَقِّهِ فَكُنَّا نَعِيشُ فِيهِ.
فَوَثَبَتْ عَلَيْهِمَا الأَنْصَارُ، فَأَغْلَظُوا لَهُمَا وَفَحُشُوا عَلَيْهِمَا، وَانْبَرَى لَهُمْ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: أَنَسِيتُمَا قَوْلَكُمَا لِقُرَيْشٍ: إِنَّا قَدْ خَلَّفْنَا وَرَاءَنَا قَوْمًا قَدْ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ بِفِتْنَتِهِمْ، هَذَا وَاللَّهِ مَا لا يُغْفَرُ وَلا يُنْسَى، وَقَدْ تُصْرَفُ الْحَيَّةُ عَلَى وَجْهِهَا وَسُمُّهَا فِي نَابِهَا.
فَقَالَ مَعْنٌ فِي ذَلِكَ:
وَقَالَتِ ليَ الأَنْصَارُ إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ ... فَقُلْتُ: أَمَا لِيَ فِي الْكَلامِ نَصِيبُ
فَقَالُوا: بَلَى قُلْ مَا بَدَا لَكَ رَاشِدًا ... فَقُلْتُ: وَمِثْلِي بِالْجَوَابِ طَبِيبُ
تَرَكْتُكُمُ وَاللَّهِ لَمَّا رَأَيْتُكُمْ ... تُيُوسًا لَهَا بِالْحَرَّتَيْنِ نَبِيبُ
تُنَادُونَ بِالأَمْرِ الَّذِي النَّجْمُ دُونَهُ ... أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا سِوَاهُ قَرِيبُ
فَقُلْتُ لَكُمْ قَوْلَ الشَّفِيقِ عَلَيْكُمُ ... وَلِلْقَلْبِ مِنْ خَوْفِ الْبَلاءِ وَجِيبُ
دَعُوا الرَّكْضَ وَاثْنُوا مِنْ أَعِنَّةِ بَغْيِكُمْ ... وَدبُّوا فَسَيْرُ الْقَاصِدِينَ دَبِيبُ
وَخَلُّوا قُرَيْشًا وَالأُمُورُ وَبَايِعُوا ... لِمَنْ بَايَعُوهُ تُرْشِدُوا وَتُصِيبُوا
أَرَاكُمْ أَخَذْتُمْ حَقَّكُمْ بِأَكُفِّكُمْ ... وَمَا النَّاسُ إِلا مُخْطِئٌ وَمُصِيبُ

نام کتاب : الأخبار الموفقيات نویسنده : الزبير بن بكار    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست