responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأخبار الموفقيات نویسنده : الزبير بن بكار    جلد : 1  صفحه : 103
واسْمَعْ مِنَ الْعِلْمِ أَنْوَاعًا عَلَى ثِقَةٍ ... أَنْ لَسْتَ نَائِلَهَا مَا هَبَّتِ الرِّيحُ
لَكَ الْكَرَامةُ مِنْهُ شِيمَةٌ خُلُقٌ ... وَالْعِلْمُ عَنْ ضَيْفِهِ مَحْلٌ وَمَجْلُوحُ
هَيْهَاتَ فِي الْعِلْمِ إِذْ تَرْجُو فَوَائِدَهُ ... رُمْتَ الَّذِي لَمْ تُقَعْقِعْهُ الْمَفَاتِيحُ
فَكَتَبَ إِلَيَّ إِسْحَاق:
الْعِلْمُ عِنْدِي شَيْءٌ لَسْتُ مَانِعَهُ ... وَكُلُّ بَابٍ لَهُ عِنْدِي فَمَفْتُوحُ
لَوْلا مَوَاقِعُ أَرْعَاهَا وَأَرْقُبُهَا ... وَإِنْ لَمِثْلُكَ مِنِّي الْحِلَمَ مَمْنُوحُ
إِذًا لَجَاءَكَ مِنِّي مَنْطِقٌ قَذِعٌ ... يَطِيرُ مِنْهُ إِذَا اسْتَسْمَعْتَهُ الرُّوحُ
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ قَحْذَمٍ مَوْلَى آلِ أَبِي بَكْرَةَ، وَكَانَ قَحْذَمٌ كَاتِبًا لِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الْعِرَاقَ اتَّخَذَ أَمْوَالا وَضِيَاعًا، وَحَفَرَ أَنْهَارًا، فَكَانَ يَسْتَغِلُّ عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِالْعِرَاقِ، مِنْهَا نَهْرُ خَالِدٍ، وَكَانَ يَغُلُّ خَمْسَةَ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْجَامِعُ، وَالْمُبَارَكُ، وَلَوْبَةُ سَابُورَ، وَالصِّلْحُ، وَكَانَ هِشَامٌ حَسُودًا مُتَيَقِّظًا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَأَحْفَظَهُ، وَأَصَرَّ عَلَيْهِ، فَكَلَّمَ خَالدًا أَخِلاؤُهُ، وَصَنَائِعُهُ الْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَبِلالُ بْنُ أَبِيِ بُرْدَةَ، وَغَيْرُهُمَا، فَقَالُوا: نُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيٍ قَدْ أَصَبْنَاهُ وَرَأَيْنَاهُ صَوَابًا، فِيهِ دَوَامُ نِعْمَتِكَ، وَكَبْتُ أَعَادِيكَ.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالُوا: قَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامٍ مَا غَمَّنَا مِنْ سُؤَالِهِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ عَنْ غَلاتِكَ وَأَمْوَالِكَ، فاكتب إليه فاعرض عليه أموالك.
فقال والله ما يعارضني شك في نصيحتكم، ولكني والله لا أُعْطِي الدَّنِيَّةَ، وَلا أُخْرِجُ عَنْ يَدِي دِرْهَمًا قَسْرًا فَمَا فَوْقَهُ أَبَدًا.
قَالُوا: فَإِنَّ هِشَامًا أَعْذَرَ مِنْكَ.
وَلاكَ وَلا تَمْلِكُ شَيئًا، وَقَدْ عَرَفْتَ شَرَهَهُ وَحِرْصَكَ، فَإِنْ هُوَ قَبَضَ مَا تَعْرِضُ عَلَيْهِ فَعَلَيْنَا جَمْعَهُ لَكَ ثَانِيَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ تَسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ كَتَبَ إِلَيْهِ هِشَامٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ أَمَرٌ لَمْ يَحْتَمِلْهُ مِنْكَ إِلا لِمَا أَحَبَّ مَنْ رَبُّ صَنِيعَتِهِ قِبَلَكَ، وَاسْتِتْمَامُ مَعْرُوفِهِ عِنْدَكَ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَحَقُّ مَنِ اسْتَصْلَحَ مَا فَسَدَ مِنْكَ، فَإِنْ تَعُدْ لِمِثْلِ مَقَالَتِكَ وَمَا بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ، رَأَى فِي مُعَاجَلَتِكَ بِالْعُقُوبَةِ رَأْيَهُ، إِنَّ النِّعْمَةَ إِذَا طَالَتْ بِالْعَبْدِ مُمْتَدَّةً أَبْطَرَتْهُ، فَأَسَاءَ حَمْلَ الْكَرَامَةِ، وَاسْتَغَلَ النِّعْمَةَ، وَنَسَبَ مَا فِي يَدِهِ إِلَى جِبِلَّتِهِ، وَبَيْتِهِ وَرَهْطِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ الْغِيَرُ، وَانْكَشَطَ عَنْهُ عِمَايَةُ الْغِنَى وَالسُّلْطَانِ، ذَلَّ مُنْقَادًا وَنَدِمَ قَسْرًا، وَتَمَكَّنَ مِنْهُ عَدُوُّهُ قَادِرًا عَلَيْهِ، قَاهِرًا لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِفْسَادَكَ لَجَمَعَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ شَهِدَ فَلَتَاتِ خَطَلِكَ، وَعَظِيمَ زَلَلِكَ، حَيْثُ تَقُولُ لِجُلَسَائِكَ: وَاللَّهِ مَا زَادَنِي الْعِرَاقُ رِفْعَةً وَلا شَرَفًا، وَلا وَلانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ مَنْ كَانَ قَبْلِي، مِمَّنْ هُوَ دُونِي، يَلِي مِثْلَهُ.

نام کتاب : الأخبار الموفقيات نویسنده : الزبير بن بكار    جلد : 1  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست