مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
العربیة
راهنمای کتابخانه
جستجوی پیشرفته
همه کتابخانه ها
صفحهاصلی
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
همهگروهها
نویسندگان
الحدیث
علوم الحديث
العلل والسؤالات
التراجم والطبقات
الأنساب
همهگروهها
نویسندگان
متون الحديث
الأجزاء الحديثية
مخطوطات حديثية
شروح الحديث
كتب التخريج والزوائد
همهگروهها
نویسندگان
مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
صفحهبعدی»
صفحهآخر»»
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
بعدی»
آخر»»
نام کتاب :
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
نویسنده :
الأصبهاني، أبو نعيم
جلد :
10
صفحه :
76
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ: " §أَصْلُ الطَّاعَةِ الْوَرَعُ وَأَصْلُ الْوَرَعِ التَّقْوَى، وَأَصْلُ التَّقْوَى مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ، وَأَصْلُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ، وَأَصْلُ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ مَعْرِفَةُ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَمَعْرِفَةُ أَصْلِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ عِظَمُ الْجَزَاءِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ الْفِكْرَةُ وَالْعِبْرَةُ، وَأَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ حَيْثُ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
فَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا ... أَعَفَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ قَبْلَ أَنْ لَقِيتُهُ، وَحَدَّثَنِي بِهَذَا، عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ، يَقُولُ: " إِنَّ §أَوَّلَ الْمَحَبَّةِ الطَّاعَةُ وَهِيَ مُنْتَزَعَةٌ مِنْ حُبِّ السَّيِّدِ عَزَّ وَجَلَّ إِذْ كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ بِهَا وَذَلِكَ أَنَّهَ عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ وَدَلَّهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَحَبَّبَ إِلَيْهِمْ عَلَى غِنَاهُ عَنْهُمْ فَجَعَلَ الْمَحَبَّةَ لَهُ وَدَائِعَ فِي قُلُوبِ مُحِبِّيهِ ثُمَّ أَلْبَسَهُمُ النُّورَ السَّاطِعَ فِي أَلْفَاظِهِمْ مِنْ شِدَّةِ نُورِ مَحَبَّتِهِ فِي قُلُوبِهِمْ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ عَرَضَهُمْ سُرُورًا بِهِمْ عَلَى مَلَائِكَتِهِ حَتَّى أَحَبَّهُمُ الَّذِينَ ارْتَضَاهُمْ لِسُكْنَى أَطْبَاقِ سَمَوَاتِهِ نَشَرَ لَهُمُ الذِّكْرَ الرَّفِيعَ عَنْ خَلِيقَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ مَدَحَهُمْ وَقَبْلَ أَنْ يَحْمَدُوهُ شَكَرَهُمْ لِعِلْمِهِ السَّابِقِ فِيهِمْ أَنَّهُ يَبْلُغُهُمْ مَا كَتَبَ لَهُمْ وَأَخْبَرَ بِهِ عَنْهُمْ ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ إِلَى خَلِيقَتِهِ وَقَدِ اسْتَأْثَرَ بِقُلُوبِهِمْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ رَدَّ أَبْدَانَ الْعُلَمَاءِ إِلَى الْخَلِيقَةِ وَقَدْ أَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ خَزَائِنَ الْغُيوبِ فَهِيَ مُعَلَّقَةٌ بِمُوَاصَلَةِ الْمَحْبُوبِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ وَيُحْيِيَ الْخَلِيقَةَ بِهِمْ أَسْلَمَ لَهُمْ هِمَمَهُمْ ثُمَّ أَجْلَسَهُمْ عَلَى كُرْسِيِّ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَاسْتَخْرَجُوا مِنَ الْمَعْرِفَةِ الْمَعْرِفَةَ بْالْأَدْوَاءِ وَنَظَرُوا بِنُورِ مَعْرِفَتِهِ إِلَى مَنَابِتِ الدَّوَاءِ ثُمَّ عَرَّفَهُمْ مِنْ أَيْنَ يَهِيجُ الدَّاءُ وَبِمَا يَسْتَعِينُونَ عَلَى -[77]- عِلَاجِ قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِإِصْلَاحِ الْأَوْجَاعِ وَأَوْعَزَ إِلَيْهِمْ فِي الرِّفْقِ عِنْدَ الْمُطَالَبَاتِ وَضَمِنَ لَهُمْ إِجَابَةَ دُعَائِهِمْ عِنْدَ طَلَبِ الْحَاجَاتِ نَادَى بِخَطَرَاتِ التَّلْبِيَةِ مِنْ عُقُولِهِمْ فِي أَسْمَاعِ قُلُوبِهِمْ أنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: " يَا مَعْشَرَ الْأَدِلَّاءِ مَنْ أَتَاكُمْ عَلِيلًا مِنْ فَقْدِي فَدَاوُوهُ، وَفَارًّا مِنْ خِدْمَتِي فَرُدُّوهُ وَنَاسِيًا لِأَيَادِيَّ وَنَعْمَائِي فَذَكِّرُوهُ، لَكُمْ خَاطَبْتُ لِأَنِّي حَلِيمٌ وَالْحَلِيمُ لَا يَسْتَخْدِمُ إِلَّا الْحُلَمَاءَ وَلَا يُبِيحُ الْمَحَبَّةَ لِلْبَطَّالِينَ ضَنًّا بِمَا اسْتَأْثَرَ مِنْهَا إِذْ كَانَتْ مِنْهُ وَبِهِ تَكُونُ فَالْحُبُّ لِلَّهِ هُوَ الْحُبُّ الْمُحْكَمُ الرَّصِينُ وَهُوَ دَوَامُ الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ لِلَّهِ وَشِدَّةُ الْأُنْسِ بِاللَّهِ وَقَطْعُ كُلِّ شَاغِلٍ شَغَلَ عَنِ اللَّهِ، وَتَذْكَارُ النَّعَمِ وَالْأَيَادِي وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ بِالْجَوْدِ وَالْكَرَمِ وَالْإِحْسَانِ اعْتَقَدَ الْحُبَّ لَهُ إِذْ عَرَفَهُ بِذَلِكَ أَنَّهُ عَرَّفَهُ بِنَفْسِهِ وَهَدَاهُ لِدِينِهِ وَلَمْ يَخْلُقْ فِي الْأَرْضِ شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ مُسَخَّرٌ لَهُ وَهُوَ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِذَا عَظُمَتِ الْمَعْرِفَةُ وَاسْتَقَرَّتْ هَاجَ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ وَثَبَتَ الرَّجَاءُ، قُلْتُ: خَوْفًا لِمَاذَا؟ وَرَجَاءً لِمَاذَا؟ قَالَ: خَوْفًا لِمَا ضَيَّعُوا فِي سَالِفِ الْأَيَّامِ لَازِمًا لِقُلُوبِهِمْ ثُمَّ خَوْفًا ثَابِتًا لَا يُفَارِقُ قُلُوبَ الْمُحِبِّينَ خَوْفًا أَنْ يُسْلَبُوا النِّعَمَ إِذَا ضَيَّعُوا الشُّكْرَ عَلَى مَا أَفَادَهُمْ فَإِذَا تَمَكَّنَ الْخَوْفُ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَأَشْرَفَتْ نُفُوسُهُمْ عَلَى حَمْلِ الْقُنُوطِ عَنْهُمْ هَاجَ الرَّجَاءُ بِذِكْرِ سَعَةِ الرَّحْمَةِ مِنَ اللَّهِ فَرَجَاءُ الْمُحِبِّينَ تَحْقِيقٌ وَقُرْبَانُهُمُ الْوَسَائِلُ فَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ مِنْ خِدْمَتِهِ وَلَا يَنْزِلُونَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ إِلَّا عِنْدَ أَمْرِهِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ أَنَّهُ قَدْ تَكَفَّلَ لَهُمْ بِحُسْنِ النَّظَرِ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ اللَّهِ {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى: 19] فَدَخَلَتِ النَّعَمُ كُلُّهَا فِي اللُّطْفِ وَاللُّطْفُ ظَاهِرٌ عَلَى مَحَبَّتِهِ خَاصَّةً دُونَ الْخَلِيقَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحُبَّ إِذَا ثَبَتَ فِي قَلْبِ عَبْدٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لِذِكْرِ إِنْسٍ وَلَا جَانٍّ وَلَا جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا شَيْءٍ إِلَّا ذِكْرَ الْحَبِيبِ وَذِكْرَ أَيَادِيهِ وَكَرَمِهِ وَذَكَرَ مَا دَفَعَ عَنِ الْمُحِبِّينَ لَهُ مِنْ شَرِّ الْمَقَادِيرِ كَمَا دَفَعَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ أُجِّجَتِ النَّارُ وَتَوَعَّدَهُ الْمُعَانِدُ بِلَهَبِ الْحَرِيقِ فَأَرَاهُ جَلَّ وَعَزَّ آثَارَ الْقُدْرَةِ فِي مَقَامِهِ وَنُصْرَتِهِ لِمَنْ قَصَدَهُ وَلَا يُرِيدُ بِهِ بَدَلًا، وَذَكَرَ مَا وَعَدَ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ زِيَارَتِهِمْ إِيَّاهُ وَكَشْفِ الْحُجُبِ لَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ فِي يَوْمِ فَزَعِهِمْ إِلَى مَعُونَتَهُ عَلَى شَدَائِدِ الْأَخْطَارِ -[78]- وَالْوُقُوفِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَ الْحَارِثُ: وَقِيلَ: إِنَّ الْحُبَّ لِلَّهِ هُوَ شِدَّةُ الشَّوْقِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّوْقَ فِي نَفْسِهِ تِذْكَارُ الْقُلُوبِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَعْشُوقِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِفَةِ الشَّوْقِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمُ: الشَّوْقُ انْتِظَارُ الْقَلْبِ دَوْلَةَ الِاجْتِمَاعِ، وَسَأَلْتُ رَجُلًا لَقِيتُهُ فِي مَجْلِسِ الْوَلِيدِ بْنِ شُجَاعٍ يَوْمًا عَنِ الشَّوْقِ مَتَى يَصِحُّ لِمَنِ ادَّعَاهُ؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَ لِحَالَتِهِ صَائِنًا مُشْفِقًا عَلَيْهَا مِنْ آفاتِ الْأَيَّامِ وَسُوءِ دَوَاعِي النَّفْسِ وَقَدْ صَدَقَ الْعَالِمُ فِي قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَاقِينَ لَوْلَا أَنَّهُمْ أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمُ التُّهَمَ وَالْمَذَلَّةَ لَسُلِبُوا عُذُوبَاتِ الْفَوَائِدِ الَّتِي تَرِدُ مِنَ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِ مُحِبِّيهِ، قُلْتُ: فَمَا الشَّوْقُ عِنْدَكَ؟ قَالَ: الشَّوْقُ عِنْدِي سِرَاجُ نُورٍ مِنْ نُورِ الْمَحَبَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى نُورِ الْمَحَبَّةِ الْأَصْلِيَّةِ قُلْتُ: وَمَا الْمَحَبَّةُ الْأَصْلِيَّةُ؟ قَالَ: حُبُّ الْإِيمَانِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَهِدَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْحُبِّ لَهُ فَقَالَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] فَنُورُ الشَّوْقِ مِنِ نُورِ الْحُبِّ وَزِيَادَتُهُ مِنْ حُبِّ الْوِدَادِ وَإِنَّمَا يَهِيجُ الشَّوْقُ فِي الْقَلْبِ مِنْ نُورِ الْوِدَادِ فَإِذَا أَسْرَجَ اللَّهُ ذَلِكَ السَّرَّاجَ فِي قَلْبِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَمْ يَتَوَهَّجْ فِي فِجَاجِ الْقَلْبِ إِلَّا اسْتَضَاءَ بِهِ وَلَيْسَ يُطْفِئُ ذَلِكَ السِّرَاجَ إِلَّا النَّظَرُ إِلَى الْأَعْمَالِ بِعَيْنِ الْأَمَانِ فَإِذَا أَمِنَ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ عَدُوِّهِ لَمْ يَجِدْ لِإِظْهَارِهِ وَحْشَةً السَّلْبِ فَيَحِلُّ الْعَجَبُ وَتَشْرُدُ النَّفْسُ مَعَ الدَّعْوَى وَتَحُلُّ الْعُقُوبَاتُ مِنَ الْمَوْلَى، وَحَقِيقٌ عَلَى مَنْ أَوْدَعَهُ اللَّهُ وَدِيعَةً مِنْ حُبِّهِ فَدَفَعَ عَنَانَ نَفْسِهِ إِلَى سُلْطَانِ الْأَمَانِ أَنْ يُسْرِعُ بِهِ السَّلَبُ إِلَى الِافْتِقَادِ، وَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَوَابِدِ: وَاللَّهِ لَوْ وَهَبَ اللَّهُ لِأَهْلِ الشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ حَالَةً لَوْ فَقَدُوهَا لَسُلِبُوا النَّعِيمَ، قِيلَ لَهَا: وَمَا تِلْكَ الْحَالَةُ؟ قَالَتِ: اسْتِقْلَالُ الْكَثِيرِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَيَعْجَبُونَ مِنْهَا كَيْفَ صَارَتْ مَأْوًى لِتِلْكَ الْفَوَائِد وَِقِيلَ لِبَعْضِ الْعُبَّادِ: أَخْبِرْنَا عَنْ شَوْقِكَ إِلَى رَبِّكَ مَا وَزْنُهُ فِي قَلْبِكَ فَقَالَ الْعَابِدُ لِلسَّائِلِ: لِمِثْلِي يقَالُ هَذَا؟ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوزَنَ فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ إِلَّا بِحَضْرَةِ النَّفْسِ وَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا حَضَرَتْ أَمْرًا فِي الْقَلْبِ مِنْ مِيرَاثِ الْقُرْبَةِ قَذَفَتْ فِيهِ أَسْبَابَ الْكُدُورَاتِ، وَقِيلَ لِمُضَرَ الْقَارِئِ: الْخَوْفُ أَوْلَى بِالْمُحِبِّ أَمِ الشَّوْقُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَا أُجِيبُ فِيهَا مَا اطَّلَعَتِ النَّفْسُ عَلَى شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا أَفْسَدَتْهُ، وَأَنْشَدَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ يَقُولُ:
[البحر الكامل]
-[79]-
الْخَوْفُ أَوْلَى بِالْمُسِيءِ ... إِذَا نَالَهُ الْحَزَنُ
وَالْحُبُّ يَحْسُنُ بِالْمُطِيـ ... ـعِ وَبِالنَّقِيِّ مِنَ الدَّرَنِ
وَالشَّوْقُ لِلْنُجَبَاءِ وَالْـ ... أَبْدَالُ عَنْ ذَوِي الْفِطَنِ
فَلِذَلِكَ قِيلَ: الْحَبُّ هُوَ الشَّوْقُ لِأَنَّكَ لَا تَشْتَاقُ إِلَّا إِلَى حَبِيبٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُبِّ وَالشَّوْقِ إِذَا كَانَ الشَّوْقُ فَرْعًا مِنْ فُرُوعِ الْحُبِّ الْأَصْلِيِّ وَقِيلَ: إِنَّ الْحُبَّ يُعْرَفُ بِشَوَاهِدِهِ عَلَى أَبْدَانِ الْمُحِبِّينَ وَفِي أَلْفَاظِهِمْ وَكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ عِنْدَهُمْ لِدِوَامِ الِاتِّصَالِ بِحَبِيبِهِمْ فَإِذَا وَاصَلَهُمُ اللَّهُ أَفَادَهُمْ فَإِذَا ظَهَرَتِ الْفَوَائِدُ عُرِفُوا بِالْحُبِّ لِلَّهِ لَيْسَ لِلْحُبِّ شَبَحٌ مَاثِلٍ وَلَا صُورَةٍ فَيُعْرَفُ بِجِبِلَّتِهِ وَصُورَتِهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْمُحِبُّ بِأَخْلَاقِهِ وَكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الَّتِي يُجْرِيهَا اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ بِحُسْنِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَمَا يُوحَى إِلَى قَلْبِهِ فَكُلَّمَا ثَبَتَتْ أُصُولُ الْفَوَائِدِ فِي قَلْبِهِ نَطَقَ اللِّسَانُ بِفُرُوعِهَا فَالْفَوَائِدُ مِنَ اللَّهِ وَاصِلَةٌ إِلَى قُلُوبِ مُحِبِّيهِ فَأَبْيَنُ شَوَاهِدِ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ شِدَّةُ النُّحُولِ بِدَوَامِ الْفِكْرِ وَطُولِ السَّهَرِ بِسَخَاءِ الْأَنْفُسِ عَلَى الْأَنْفُسِ بِالطَّاعَةِ وَشِدَّةِ الْمُبَادَرَةِ خَوْفَ الْمُعَالَجَةِ، وَالنُّطْقُ بِالْمَحَبَّةِ عَلَى قَدْرِ نُورِ الْفَائِدَةَ فَلِذَلِكَ قِيلَ: إِنَّ عَلَامَةَ الْحُبِّ لِلَّهِ حُلُولُ الْفَوَائِدِ مِنَ اللَّهِ بِقُلُوبِ مَنِ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِمَحَبَّتِهِ وَأَنْشَدَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:
وَلَهُ خَصَائِصُ يُكْلَفُونَ بِحُبِّهِ اخْتَارَهُمْ فِي سَالِفِ الْأَزْمَانِ
اخْتَارَهُمْ مِنْ قَبْلِ فِطْرَةِ خَلْقِهِمْ بِوَدَائِعٍ وَفَوَائِدٍ وَبَيَانِ فَالْحُبُّ لِلَّهِ فِي نَفْسِهِ اسْتِنَارَةُ الْقَلْبِ بِالْفَرَحِ لِقُرْبِهِ مِنْ حَبِيبِهِ فَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ بِالْفَرَحِ اسْتَلَذَّ الْخَلْوَةَ بِذِكْرِ حَبِيبِهِ فَالْحُبُّ هَائِجٌ غَالِبٌ وَالْخَوْفُ لِقَلْبِهِ لَازِمٌ لَا هَائِجٌ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَتْ مِنْهُ شَهْوَةُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَهَدًى لِأَرْكَانِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَحَلَّ الْأُنْسُ بِقَلْبِهِ لِلَّهِ فَعَلَامَةُ الْأُنْسِ اسْتِثْقَالُ كُلِّ أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ فَإِذَا أَلِفَ الْخَلْوَةَ بِمُنَاجَاتِهِ حَبِيبَهُ اسْتَغْرَقَتْ حَلَاوَةُ الْمُنَاجَاةِ الْعَقْلَ كُلَّهُ حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَنْ يَعْقِلَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ضَيْغَمٍ الْعَابِدِ: عَجَبًا لِلْخَلِيقَةِ كَيْفَ اسْتَنَارَتْ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ غَيْرِكَ "؟ وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: " أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاودَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا دَاودُ إِنَّ مَحَبَّتِي فِي خَلْقِي أَنْ يَكُونُوا رُوحَانِيِّينَ وَلِلرَّوْحَانِيَّةِ عِلْمٌ -[80]- هُوَ أَنْ لَا يَغْتَمُّوا وَأَنَا مِصْبَاحُ قُلُوبِهِمْ، يَا دَاودُ لَا تَمْزُجِ الْغَمَّ قَلْبَكَ فَيَنْقُصُ مِيرَاثُ حَلَاوَةِ الرُّوحَانِيِّينَ، يَا دَاودُ هَمَمْتَ لِلْخُبْزِ أَنْ تَأْكُلَهُ وَأَنْتَ تُرِيدُنِي وَتَزْعُمُ أَنَّكَ مُنْقَطِعٌ إِلَيَّ تَدَّعِي مَحَبَّتِي وَأَنَّكَ قَدْ أَحْبَبْتَنِي وَأَنْتَ تُسِيئُ الظَّنَّ بِي أَمَا كَانَ لَكَ عِلْمٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَنْ كَشَفْتُ لَكَ الْغِطَاءَ عَنْ سَبْعِ أَرَضِينَ حَتَّى أَرَيْتُكَ دُودَةً فِي فِيهَا بُرَّةٌ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ حَتَّى تَهْتَمَّ بِالرِّزْقِ، يَا دَاودُ، أَقِرَّ لِي بِالْعُبُودِيَّةِ أَمْنَحْكَ ثَوَابَ الْعُبُودِيَّةِ وَهُوُ مَحَبَّتِي، يَا دَاودُ تَوَاضَعْ لِمَنْ تُعَلِّمُهُ وَلَا تَتَطَاوَلَ عَلَى الْمُرِيدِينَ فَلَوْ يَعْلَمُ أَهْلُ مَحَبَّتِي مَا قَدْرُ الْمُرِيدِينَ عِنْدِي لَكَانُوا لِلْمُرِيدِينَ , أَرْضًا يَمْشُونَ عَلَيْهَا وَلَلَحَسُوا أَقْدَامَهُمْ، يَا دَاودُ إِذَا رَأَيْتَ لِيَ طَالِبًا فَكُنْ لَهُ خَادِمًا وَاصْبِرْ عَلَى الْمَؤُونَةِ تَأْتِكَ الْمَعُونَةُ، يَا دَاودُ لَأَنْ يَخْرُجَ عَلَى يَدَيْكَ عَبْدٌ مِمَّنْ أَسْكَرَهُ حُبُّ الدُّنْيَا حَتَّى تَسْتَنْقِذَهُ مِنْ سُكْرِهِ مَا هُوَ فِيهِ سَمَّيْتُكَ عِنْدِي جَهْبَذًا وَمَنْ كَانَ جَهْبَذًا لَمْ تَكُنْ بِهِ فَاقَةٌ وَلَا وَحْشَةٌ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي، يَا دَاودُ مَنْ لَقِيَنِي وَهُوَ يُحِبُّنِي أَدْخَلْتُهُ جَنَّتِي "
نام کتاب :
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
نویسنده :
الأصبهاني، أبو نعيم
جلد :
10
صفحه :
76
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
صفحهبعدی»
صفحهآخر»»
««اول
«قبلی
جلد :
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
بعدی»
آخر»»
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
کتابخانه
مدرسه فقاهت
کتابخانهای رایگان برای مستند کردن مقالهها است
www.eShia.ir