responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 10  صفحه : 180
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: قَالَ: ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: " §وُصِفَ لِي بِالْيَمَنِ رَجُلٌ قَدْ بَرَزَ عَلَى الْمُجْتَهِدِينَ وَذُكِرَ لِي بِاللُّبِّ وَالْحِكْمَةِ فَخَرَجْتُ حَاجًّا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَلَمَّا قَضَيْتُ نُسُكِي أَتَيْتُهُ لِأَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِ وَأَنْتَفِعَ بِمَوْعِظَتِهِ فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ أَيَّامًا حَتَّى ظَفِرْتُ بِهِ وَكَانَ أَصْفَرَ اللَّوْنِ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ أَعْمَشَ الْعَيْنَيْنِ مِنْ غَيْرُ عَمَشٍ نَاحِلَ الْجِسْمِ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ يُحِبُّ الْخَلْوَةَ وَيَأْنَسُ إِلَى الْوَحْدَةِ تَرَاهُ كَأَنَّهُ قَرِيبُ عَهْدٍ بِمُصِيبَةٍ قَالَ: فَخَرَجَ الشَّيْخُ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَاتَّبَعْنَاهُ بِأَجْمَعِنَا لِنُكَلِّمَهُ فَبَادَرَ إِلَيْهِ شَابٌّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَصَافَحَهُ وَأَبْدَى لَهُ التَّرْحِيبَ وَالْبِشْرَ فَقَالَ لَهُ الشَّابُّ: إِنَّ اللَّهَ بَمَنِّهِ وَفَضْلِهِ جَعَلَكَ وَمِثْلَكَ أَطِبَّاءَ لِسِقَامِ الْقُلُوبِ وَمُعَالِجِينَ لِأَوْجَاعِ الذُّنُوبِ وَبِي جُرْحٌ قَدْ نَغَلَ وَدَاءٌ قَدِ اسْتَطَالَ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَتَلَطَّفَ بِبَعْضِ مَرَاهِمِكَ وَتُعَالِجَنِي بِرِفْقِكَ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ: مَا عَلَامَةُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تُؤَمِّنَ نَفْسَكَ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ إِلَّا الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ، فَاضْطَرَبَ الشَّابُّ كَمَا تَضْطَرِبُ السَّمَكَةُ فِي شَبَكَةِ الصَّيَّادِ وَالشَّيْخُ قَائِمٌ بِإِزَائِهِ، ثُمَّ إِنَّ الشَّابَّ رَجَّعَ وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ مَتَى يَتَبَيَّنُ لِلْعَبْدِ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِذَا أَنْزَلَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ السَّقِيمِ وَهُوَ يَحْتَمِي مِنْ كُلِّ الطَّعَامِ مَخَافَةَ طُولِ الْأَسْقَامِ، قَالَ: فَصَاحَ الشَّابُّ صَيْحَةً ثُمَّ قَالَ: أَوِّهْ عَاقَبْتَ فَأَوْجَعْتَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: بَلْ دَاوَيْتُ فَأَحْسَنْتُ وَعَالَجْتُ فَرَفَقْتُ، فَمَكَثَ الشَّابُّ سَاعَةً لَا يَحِيرُ جَوَابًا، ثُمَّ إِنَّ الشَّابَّ أَفَاقَ فَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ فَمَا عَلَامَةُ الْمُحِبِّ لِلَّهِ؟ قَالَ: فَانْتَفَضَ الشَّيْخُ فَزَعًا وَجَرَتِ الدُّمُوعُ عَلَى وَجْهِهِ كَنِظَامِ اللُّؤْلُؤِ ثُمَّ قَالَ: يَا شَابُّ إِنَّ دَرَجَةَ الْحُبِّ دَرَجَةٌ سَنِيَّةٌ بَهِيَّةٌ رَفِيعَةٌ، قَالَ: فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَصِفَهَا لِي، قَالَ: إِنَّ الْمُحِبِّينَ لِلَّهِ شَقَّ لَهُمْ عَنْ قُلُوبِهِمْ -[181]-، فَأَبْصَرُوا بِنُورِ الْقُلُوبِ عَظَمَةَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَصَارَتْ أَبْدَانُهُمْ دُنْيَوِيَّةً وَقُلُوبُهُمْ سَمَاوِيَّةً وَأَرْوَاحُهُمْ حُجُبِيَّةً وَعُقُولُهُمْ نُورَانِيَّةً تَسْرَحُ بَيْنَ صُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ بِالْعِيَانِ وَتُشَاهِدُ تِلْكَ الْأُمُورَ بِالتَّحْقِيقِ وَالْبَيَانِ فعَبْدُوا اللَّهَ بِمَبْلِغَ اسْتِطَاعَتِهِمْ لَا لِجَنَّةٍ وَلَا لِنَارٍ، قَالَ: فَصَاحَ الشَّابُّ صَيْحَةً ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَحَرَّكْنَاهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا فَانْكَبَّ الشَّيْخُ يُقَبِّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: هَذَا مَصْرَعُ الْخَائِفِينَ وَهَذِهِ دَرَجَةُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَهَذِهِ مَنَازِلُ الْمُتَّقِينَ "

نام کتاب : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء نویسنده : الأصبهاني، أبو نعيم    جلد : 10  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست