والشهوة. ونحن إذا استعرضنا حجج هؤلاء وهؤلاء نلاحظ أن أدلة أميته صلى الله عليه وسلم قطعية يقينية.
وأن أدلة كونه كتب وخط بيمينه ظنية غير يقينية ولم يدع أحد أنها قطعية يقينية. ثم إن التعارض ظاهر فيما بين هذه وتلك. غير أنه تعارض ظاهري يمكن دفعه بأن نحمل أدلة الأمية على أولى حالاته صلى الله عليه وسلم وأن نحمل أدلة كتابته على أخريات حالاته وذلك جمعا بين الأدلة. ولا ريب أن الجمع بينها أهدى سبيلا من إعمال البعض وإهمال البعض ما دام في كل منها قوة الاستدلال وما دام الجمع ممكنا على أية حال. أما لو لم يمكن الجمع فلا مشاحة حينئذ في قبول القطعي ورد الظني لأن الأول أقوى من الثاني {وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} . هذا هو الميزان الصحيح لدفع التعارض والترجيح فاحكم به عند الاختلاف والاشتباه {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} .
كتابة القرآن:
بعد ما قصصنا عليك من تلك الفذلكة التاريخية في الخطوط والكتابة العربية نلفت نظرك إلى أن كتابة القرآن وفيناها بحثها في مبحث جمع القرآن من ص 232 إلى ص 256 وذكرنا هناك كيف كتب القرآن؟ وفيم كتب؟ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم على عهد عثمان رضي الله عنهما.
ومنه تعلم أن عناية الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بكتابة القرآن كانت عناية فائقة يدلك على هذه العناية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتاب يكتبون الوحي منهم الأربعة الخلفاء ومعاوية وأبان بن سعيد وخالد بن الوليد وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وثابت بن قيس وأرقم بن أبي وحنظلة بن الربيع وغيرهم. فكان صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه شيء يدعو أحد كتابه هؤلاء ويأمره بكتابة ما نزل عليه ولو كان كلمة كما روي أنه