responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 60
اقتصادية في المتاجرة بها، ومن منافع ظاهرية في حمرة الخد التي توهم الصحة الحسنة، ومن منافع اجتماعية فيما تدفع إليه من السخاء والجود في حالة السكر والعربدة، أو من الشجاعة التي تبلغ أحيانا حد التهور في ساحة الحرب، فإن إثمها أكبر من نفعها، فتلك علة كافية لتحريمها. فكانت الخطوة الأولى تحريكا للمنطق التشريعي في نفوس المسلمين، ثم تبعتها الخطوة الثانية بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [1] فضيق عليهم الفرصة لمزاولة السكر، لأن الصلوات الخمس كانت قد شرعت في أوقات متقاربة لا يكفي ما بينها للإفاقة من نشوة الخمر، حتى إذا أصبحت فرص السكر نادرة بطبيعة الحال حرم الله عليهم الخمر في لهجة قاطعة جازمة فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [2]، فقالوا: انتهينا، وانتهوا حقيقة، وأصبحوا ينتظرون حدود الله في شارب الخمر، ويخجلون أن يصل الأمر بأحد المسلمين إلى أن تقام عليه هذه الحدود.
وهكذا تدرج الوحي مع النبي يربيه ويعلمه ويهديه حتى "كان خلقه القرآن" كما تقول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وتدرج في تربية المؤمنين، فلم يزين قلوبهم بحلية الإيمان الصادق، والعبادة الخالصة، والخلق السمح، إلا بعد أن مهد لذلك بتقبيح تقاليدهم الباطلة وعقائدهم الفاسدة شيئا فشيئا، وساعدهم نزوله المنجم على حفظ آياته في الصدور، كما قوي من عزائمهم في الشدائد، فكان دستور حياتهم علما وعملا، وكان المدرسة الصالحة التي جعلت منهم رجالا وأبطالا، ولعل ابن عباس في قوله: "نزله

[1] سورة النساء: 42.
[2] سورة المائدة 94.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست