responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 59
إلا أن الصلاة كانت في البداية صلاة مطلقة بالغدوة والعشي، فما فرضت عليهم بعددها في اليوم والليلة وركعاتها وأشكالها إلا قبل الهجرة بسنة. وعرف المسلمون في أول أمرهم أنواعا من الصدقة والصيام ولكن مقادير الزكاة وشروط الصيام لم تفرض إلا بعد الهجرة بسنة، فهذا كله من مرانة الإسلام ويسره وسماحته: إذ قال الله: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [1]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [2]، فما يريد الله أن يشق على عباده وإنما يأخذهم بالرفق، وينهاهم عن كثرة السؤال لئلا يبدو لهم ما يكرهون من جديد التكاليف: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} [3].
وإذا سلك هذا كله في باب "تأخير البيان لوقت الحاجة" ولم يكن من التدريج في شيء، فإن انطباق هذا الحكم على السطحيات المنزلقة إلى أنفس الأفراد أو إلى أنفس المجتمعات أولى وأجدر، ومن هنا لم يدع داع إلى التدرج في تحريم الزنى ولا القتل ولا السرقة ولا أكل أموال الناس بالباطل.
إنما يكون التدرج في النوازل القرآنية إذن في مثل الخمر والميسر من العادات الشعورية أو الأمراض النفسية، وفي مثل استرقاق الأسرى من التقاليد الاجتماعية والأعراف الدولية.
وحسبنا -على سبيل المثال- أن نمر مرورًا خاطفا بالتحريم القرآني المتدرج للعادة الشعورية الخطيرة المسماة "بإدمان المسكرات": فقد نزل في أمرها أول ما نزل قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [4] فوجه أنظار السكارى إلى أن الحرمة إنما تقوم على غلبة الشر، فمهما يكن في الخمر من منافع

[1] الحج 78.
[2] البقرة 185.
[3] المائدة 104.وقارن بأسباب النزول للواحدي 157.
[4] البقرة، وانظر في تفسير المنار 2/ 219 و7/ 49 الحكمة في تحريم الخمر على مراحل.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست