responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 33
بنزول الوحي عن تدوين شيء سوى القرآن[1] لكي يحفظ للقرآن صفته الربانية، ويحول دون اختلاطه بشيء ليست له هذه الصفة القدسية، بينما كان عند نزول الوحي -ولو آية أو بعض آية- يدعو أحد الكتبة فورًا ليدون ما نزل من القرآن[2].
ولعل هذا كله لا يبدو في نظر بعض الباحثين شيئا مذكورًا تلقاء ما عرفناه من النهي الصريح عن محاولة النبي تدريب ذاكرته، وأمام ذاك التجاهل القاهر لاختياره وإرادته، إذ لا يسعنا إزاء هذه الحقائق إلا أن نعترف باستقلال ظاهرة الوحي عن ذات النبي استقلالا مطقا، وتفردها عن العوامل النفسية تفردا كاملا، فالنبي لا يملك حتى حق استخدام ذاكرته في حفظ القرآن بل الله يتكفل بتحفيظه إياه، وقانون التذكر نفسه بطل الآن سحره وعفا أثره تجاه إرادة الله[3]. فكيف لا يعي النبي -بعد هذا كله- الفرق العظيم بين ذاته المأمورة وذات الله الآمرة وهو يرى بنفسه أنه لا يملك من أمر نفسه شيئا؟
ومع أن أقوال النبي أحاديث "توقيفية" تلقى من الوحي مضمونها، جرد الكتبة بأمره كتاب الله منها مهما تبد شديدة الصلة بالآيات التي تفسرها، لأن النبي صاغها بأسلوبه، وبينها بلفظه، وما كان لأسلوبه ولا لأسلوب أحد أن يختلط بأسلوب القرآن المعجز المبين.
حتى الأحاديث القدسية -رغم اعتراف العلماء بأن معناها لله أو بأنه، كما يقول أكثرهم، منزل من عند الله- نحيت وفصلت عن القرآن, لما لوحظ من حرص النبي على عدم خلطها بكتاب الله بما كان يستهل به مطالعها من عبارات نبوية يشعر بها سامعيه أنه يصوغ بأسلوبه البشري معنى

[1] في صحيح مسلم 8/ 229 عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" وقارن بكتابنا: "علوم الحديث ومصطلحه" ص8.
[2] البرهان 1/ 232.
[3] قارن بالظاهرة القرآنية 276.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست