نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 133
فكشف عن بعض جوانب التناسق العجيب في قوانين الكون ونسبه ومفرداته اتسع تصور البشر لمعنى ذلك النص القرآني الهائل: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} يقول أ. كريس موريسون رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك في كتابه بعنوان "الإنسان لا يقوم وحده": "ومما يدعو إلى الدهشة أن يكون تنظيم الطبيعة على هذا الشكل، بالغًا هذه الدقة الفائقة، لأنه لو كانت قشرة الأرض أسمك مما هي بمقدار بضعة أقدام، لامتص ثاني أكسيد الكربون الأكسجين، ولما أمكن وجود حياة البنات.
ولو كان الهواء أرفع كثيرًا مما هو فإن بعض الشهب التي تحترق الآن بالملايين في الهواء الخارجي كانت تضرب جميع أجزاء الكرة الأرضية، وهي تسير بسرعة تتراوح بين ستة أميال وأربعين ميلًا في الثانية، وكان في إمكانها أن تشعل كل شيء قابل للاحتراق، ولو كانت تسير ببطء رصاصة البندقية لارتطمت كلها بالأرض، ولكانت العاقبة مورعة، وأما الإنسان فإن اصطدامه بشهاب ضئيل يسير بسرعة تفوق سرعة الرصاصة تسعين مرة كان يمزقه إربًا من مجرد حرارة مروره.
إن الهواء سميك بالقدر اللازم بالضبط لمرور الأشعة ذات التأثير الكيمائي التي يحتاج إليها الزرع والتي تقتل الجراثيم وتنتج الفيتامينات، دون أن تضر بالإنسان إلا إذا عرض نفسه لها مدة أطول من اللازم، وعلى الرغم من الانبعاثات الغازية من الأرض طول الدهر -ومعظمها سام- فإن الهواء باق دون تلويث في الواقع، ودون تغيير في نسبته المتوازنة اللازمة لوجود الإنسان. وعجلة الموازنة العظيمة هي تلك الكتلة الفسيحة من الماء -أي المحيط- الذي استمدت منه الحياة والغذاء والمطر والمناخ المعتدل والنباتات وأخيرًا الإنسان نفسه"[1].
وهكذا ينكشف للعلم البشري يومًا بعد يوم، شيء من تقدير الله العجيب في الخلق، وتدبيره الدقيق في الكون، ويدرك البشر شيئًا من مدلولات قوله في الفرقان الذي نزله على عبده: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} ومع هذا فإن أولئك المشركين لم يدركوا شيئًا من هذا كله. {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا [1] الإنسان لا يقوم وحده، وقد ترجم بعنوان "العلم يدعو إلى الإيمان": 66.
نام کتاب : مباحث في التفسير الموضوعي نویسنده : مصطفى مسلم جلد : 1 صفحه : 133