نام کتاب : المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها نویسنده : ابن جني جلد : 1 صفحه : 140
أي: وجدناها مُتْلِفة.
وقوله:
فمضى وأخاف من قُتَيلة موعِدا1
أي: صادفه مخلفًا.
وقول رؤبة:
وأهيج الخلطاء من ذات البرق2
أي: صادفها مهتاجة النبت.
ومنه قوله الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [3] أي: صادفناه غافلًا، ولو كان أغفلنا هنا منقولًا من غفل -أي: منعناه وصددناه- لكان معطوفًا عليه بالفاء "فاتَّبَعَ هواه".
وذلك أنه كان يكون مطاوعًا، وفعل المطاوعة إنما يكون معطوفًا بالفاء دون الواو، وذلك كقوله: أعطيته فأخذ، ودعوته فأجاب، ولا تقول هنا: أعطيته وأخذ، ولا دعوته وأجاب، كما لا تقول: كسرته وانكسر، ولا جذبته "30ظ" وانجذب؛ إنما تقول: كسرته فانكسر، وجذبته فانجذب، وهذا شديد الوضوح والإنارة على ما تراه.
وكذلك لو كان معنى أغفلنا في الآية منعنا وصددنا لكان معطوفًا عليه بالفاء، وأن يقال: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا فاتبع هواه[4]، وإذ لم يكن هكذا، وكان إنما هو "واتبع" فطريقه أنه لما قال: "أغفلنا قبله عن ذكرنا" فكأنه قال: وجدناه غافلًا، وإذا وُجد غافلًا فقد غفل لا محالة، فكأنه قال إذن: ولا تطع من غفل قبله عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا؛ أي: لا تطع مَن فعل كذا، يعدد أفعاله التي توجب ترك طاعة الله سبحانه، ونسأل الله توفيقًا من عنده ودُنُوًّا من مرضاته بمنِّه ومشيئته، فهذا أحد وجهي "تُغْمَضُوا فيه"؛ أي: إلا أن توجدوا مُغْمِضين متغاضين عنه.
والآخر: أن يكون "تُغْمَضُوا فيه" أي: إلا أن تُدخلوا فيه وتُجذبوا إليه، وذلك الشيء الذي يدعوهم إليه، ويحملهم عليه هو: رغبتهم في أخذه ومحبتهم لتناوله، فكأنه -والله أعلم-
1 للأعشى، وصدره:
أثوى وقصر ليله ليزودا
وروي: فمضت وأخلف. أثوى بالمكان: أقام، لغة في ثوى. وانظر: الديوان: 227، واللسان: أخلف، وثوى.
2 الخلصاء: أرض بالبادية، والبرق: جمع برقة؛ أرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل. وانظر: الديوان: 105، واللسان: هيج، ومعجم البلدان. [3] سورة الكهف: 28. [4] لا يخفى ما فيه من التَّكْرَارِ مع ما قبله.
نام کتاب : المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها نویسنده : ابن جني جلد : 1 صفحه : 140