نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 91
ومن هذا النحو: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} فقد رسم لهم بهذا التشبيه صورة دقيقة: إنهم يأكلون ويتمتعون غافلين عن الجزاء الذي ينتظرهم، كما تأكل الأنعام وتمرح، غافلة عن شفرة القصاب، أو غافلة عما سوى الطعام والشراب.
ومثال ذلك: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} . وفي هذا التعبير ألوان من التناسق الظاهر والمضمر، ومن لطف الكناية عن ملابسات دقيقة. وأدق ما فيه هو ذلك التشابه بين صلة الزارع بحرثه وصلة الزوج بزوجه في هذا المجال الخاص.
وبين ذلك النبت الذي يخرجه الحرث، وذلك النبت الذي تخرجه الزوج؛ وما في كليهما من تكثير وعمران وفلاح. وكل هذه الصور تنطوي تحت استعارة في بضع كلمات.
2- وقد يستقل لفظ واحد -لا عبارة كاملة- برسم صورة شاخصة -لا بمجرد المساعدة على إكمال معالم صورة-. وهذه خطوة أخرى في تنسيق التصوير، أبعد من الخطوة الأولى، وأقرب إلى قمة جديدة في التناسق. خطوة يزيد من قيمتها أن لفظًا مفردًا هو الذي يرسم الصورة، تارة بجرسه الذي يلقيه في الأذن، وتارة بظله الذي يلقبه في الخيال، وتارة بالجرس والظل جميعًا.
تسمع الآذن كلمة "أثاقلتم" في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} فيتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل، يرفعه الرافعون في جهد، فيسقط من أيديهم في ثقل. إن في هذه الكلمة "طنًّا" على الأقل من الأثقال! ولو أنك قلت: تثاقلتم، لخف الجرس، ولضاع
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 91