نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 90
ومثل القصص في هذا اللون من التناسق سائر ما يعرض من مشاهد القيامة، وصور النعيم والعذاب، والصور التي تساق في معرض الجدال، فهو يعرض منسجمًا مع الوسط الذي يعرض فيه، ويؤدي الغرض النفسي الذي يرمي إليه.
ولكن هذا كله إنما ينتهي إلى تناسق المعاني والأغراض. والبحث في هذا النطاق مهما دق وارتفع يبقى في معزل عن أجمل، وأبدع وسائل القرآن في التعبير، وهو التصوير.
ولما كانت نقلة بعيدة أن نقفز من هذه السطوح المستوية إلى تلك القمم الشامخة، فإننا سنختار أن نرقى إلى هذه الآفاق خطوة بعد أخرى؛ حتى نتطلع إلى قمتها البعيدة.
1- هناك المواضع التي يناسق فيها التعبير مع الحالة المراد تصويرها؛ فيساعد على إكمال معالم الصورة الحسية أو المعنوية.
وهذه خطوة مشتركة بين التعبير للتعبير، والتعبير للتصوير، فهي مفرق الطريق بين السطوح المستوية والقمم المتدرجة!
مثال ذلك: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} فإن "الدواب" تطلق عادة على الحيوان -وإن كانت تشمل الإنسان فيما تشمل؛ لأنه يدب على الأرض- ولكن شمولها هذا للإنسان، ليس هو الي يتبادر إلى الذهن؛ لأن للعادة حكمها في الاستعمال. فاختيار كلمة "الدواب" هنا، ثم تجسيم الحالة التي تمنعهم من الانتفاع بالهدى بوصفهم "الصم البكم" كلاهما يكمل صورة الغفلة والحيوانية، التي يريد أن يرسمها لهؤلاء الذين لا يؤمنون؛ لأنهم {لَا يَعْقِلُون} .
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 90