نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 57
والآن فلنعرض شطرًا من قصص حقيقية، بعدما عرضنا قصص الأمثال.
1- لنعرض مشهدًا من قصة إبراهيم، وهو بيني الكعبة مع ابنه إسماعيل، وكأنما نحن نشهدهما يبنيان ويدعوان الآن، لا قبل اليوم بأجيال وأزمان.
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
لقد انتهى الدعاء، وانتهى المشهد، وأسدل الستار.
هنا حركة عجيبة في الانتقال من الخبر إلى الدعاء، هي التي أحيت المشهد وردته حاضرًا. فالخبر: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} كان كإنما هو الإشارة برفع الستار ليظهر المشهد: البيت، وإبراهيم وإسماعيل، يدعوان هذا الدعاء الطويل.
وكم في الانتقال هنا من الحكاية إلى الدعاء من إعجاز فني بارز، يزيد وضوحًا لو فرضت استمرار الحكاية، ورأيت كم كانت الصورة تنقص لو قيل: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل يقولان: ربنا ... إلخ. إنها في هذه الصورة حكاية، وفي الصورة القرآنية حياة. وهذا هو الفارق الكبير. إن الحياة في النص لتثب متحركة حاضرة. وسر الحركة كله في حذف
لفظة واحدة.. وذلك هو الإعجاز.
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 57