نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 46
لأنها تنطبع في الحس، وتتصل منه بالنفس.
وإني لأذكر الآن تلك الصورة التي ارتسمت في خيالي، وأنا طفل أقرأ القرآن في المدرسة الأولية، حين وصلت إلى هذه الآية ... ترى يبعد تصوري الآن كثيرًا عن هذه الصورة الساذجة؟ لا أظن! فالاختلاف الذي طرأ هو مجرد إدراكي اليوم أن هذا مثل يضرب، لا حقيقة تشهد. وذلك إعجاز التعبير الذي تتقارب في إدراكه شتى المدارك، وتصل في كل حالة إلى صورة حية، مع اختلاف الأفهام.
4- ومما هو بسبيل من ذلك في غرض آخر غير هذا الغرض، تلك الصورة التي رسمها للمسلمين قبل أن يسلموا، يوم أن كانوا معرضين لجهنم بما هم فيه من الكفر، فقال:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} .
هكذا: {كُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ} ، موشكين على الوقوع، تكاد أقدامكم تزل فتهوون. وليس المهم لدينا -في هذا المجال- دقة التشبيه وصدقه، إنما المهم أولًا هو هذه الصورة القلقلة المتحركة الموشكة في الخيال على الزوال. ولو استطاعت ريشة مصور بالألوان أن تبرز هذه الحركة المتخيلة في صورة صامتة لكانت براعة تحسب في عالم التصوير. والمصور يملك الريشة واللوحة والألوان، وهنا ألفاظ فحسب يصور بها القرآن.
ثم ينظر إلى جمال التعبير من زاوية أخرى: إذ يرسم هذه
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 46