نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 21
والمصير. لتلمس الوجدان الإنساني لمسة قوية في مجال الدعوة الدينية، وفي مجال التأملات الوجدانية.
ولقد كان المتوقع أن يعرف الإنسان هذا الفضل العظيم، وأن يشعر بتلك النقلة البعيدة. ولكن: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} . لقد برزت إذن صورة الإنسان الطاغي الذي نسي منشأه وأبطره الغنى، فالتعقيب التهديدي السريع على بروز هذه الصورة هو: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} .
فإذا رد الأمر إلى نصابه هكذا سريعًا، لم يكن هناك ما يمنع من المضي في حديث الطغيان الإنساني، وإكمال الصورة الأولى. إن هذا الإنسان الذي يطغى، ليتجاوز بطغيانه نفسه إلى سواه: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى، عَبْدًا إِذَا صَلَّى} أرأيت؟ إنها لكبيرة! وإنها لتبدو أكبر إذا كان هذا العبد على الهدى آمرًا بالتقوى: {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى} فما بال هذا المخلوق الإنساني غافلا عن كل شيء غفلته عن نشأته ونقلته؟ {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى، أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} فالتهديد إذن يأتي في إبانه: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} . هكذا {لَنَسْفَعَنْ} بذلك اللفظ الشديد المصور بجرسه لمعناه. وإنه لأوقع من مردافه: لنأخذنه بشدة ... و {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} صورة حسية للأخذ الشديد السريع، ومن أعلى مكان يرفعه الطاغية المتكبر، من مقدم الرأس المتشامخ. إنها الناصية تستحق السفع: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} . وإنها للحظة سفع وصرع، فقد يخطر له أن يدعو من يعتز بهم من أهله وصحبه: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} ومن فيه، أما نحن فإننا {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} . وهنا يخيل السياق للسامع صورة معركة بين المدعوين:
نام کتاب : التصور الفني في القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 1 صفحه : 21