فسبحان من فاوت بين عباده، وانفرد بالهداية والإِضلال.
ثم ذكر حكمته وعدله في إضلال من يضل، فقال تعالى: {وَمَا يُضِلّ بِهِ إِلاّ الْفَاسِقِينَ} [1]، أي الخارجين عن طاعة اللَّه، المعاندين لرسل اللَّه، الذين صار الفسق وصفهم، فلا يبتغون به بدلاً.
فاقتضت حكمته تعالى إضلالهم، لعدم صلاحيتهم للهدى، كما اقتضت حكمته وفضله، هداية من اتصف بالإِيمان، وتحلى بالأعمال الصالحة"[2].
والذين هداهم اللَّه بالأمثال هم الذين تفكروا بها تفكراً صحيحاً على نهج وفهم السلف الصالح، ومقتضى مدلولات اللغة، والنظر السليم في صورة الممثَّل به، وسلمت فطرهم، وعقولهم من الانحراف، فهدتهم إلى الحق وبينت لهم مراد اللَّه، واهتدوا بها فزادهم اللَّه هداية وإِيماناً.
أما الفاسقون الذين يضلهم اللَّه لعدم انتفاعهم بالأمثال فهم صنفان:
صنف أعرض عنها فلا يتعلمها، ولا ينتفع بها، وفي المقابل استمسك بالظنون، وهوى النفوس، وضرب لنفسه أو ضُرب له أمثال من الباطل يسوغ بها ما هو عليه من الضلال والجهل.
وصنف آخر أقبل على أمثال القرآن، ومال بمعانيها وحرَّفها لتوافق [1] سورة البقرة الآية رقم (26) . [2] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، (1/66) .