responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن نویسنده : محمود توفيق محمد سعد    جلد : 1  صفحه : 284
والإيجاز في دلالته على المعانى المتكاثرة إنّما يتخذُ سبيلا غير مكشوف بل يُهدِى إليك لطائفَه ملفوفة في ستائر حريرية، وذلك مما تعشقه النفس المتذوقة جمال البيان.
والحذف ضرب من ضروب الايجاز التى تتسم بما هو فوق الذي ذكرت لك، وقد كان من "الإمام عبد القاهر الجرجانى " في كتابه: " دلائل الإعجاز" كلماتٌ في صدر كلامه في باب "الحذف" أشار فيها إلى شيء من محاسن الحذف وفضائله وعطاياه يقول فيها:
" هو باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنك ترى به تركَ الذّكرِ أفصحَ من الذكر، والصمتَ عن الإفادة أزيدَ للإفادة، وتجدك أنطقَ ما تكون إذا لم تنطقْ، وأتمَّ ما تكونُ بيانًا إذا لم تُبِنْ. وهذه جملة قد تنكرها حتى تَخْبُر وتدفعها حتى تنظر " (1)
وعبارة "عبد القاهر" هذه جِدُّ غنية بالدَِّلالات اللَّطيفة والمدلولات النبيلة، وقد أغراك وهداك إلى شيء من لطائفها ببيانه فيها بيانا أقامه على منهاج التوقيع النغمى المِرْنان.
تأمل عبارته معزوفةً على أوتار السجع والتوازن ورد الأعجاز على الصدور من جهة، والتقابل من جهة أخرى، ففي هذا إيماء إلى ما يحتويه "الحذف" من بدائع المعانى والمَغانِى (2)

(1) - دلائل الإعجاز لعبد القاهر 164 ـ ت: شاكر
(2) - وأنت إذ تنظر في كلمة " عبد القاهر" هذه التي يقدَّم بها قوله في الحذف تجدها مغرية بالنظر في طريق دلالة الحذف على المعنى أيْ أنّه يغريك بأن تنظر في الحذف من جهة دلالته على معانيه، وهذا هو المنهج الذي يقوم عليه ما يسميه البلاغيون علم البيان، هو لايغريك بالنظر في تركيب وتأليف صورة المعنى على منهاج الحذف بقدر ما يغريك بالنظر في طرائق دلالة هذه الصورة على المعنى، وكأنّه يحرضك على أن ترابط مجاهدًا في ثغرة قلّ فيها المرابطون: ثغرة تأويل وتدبر طرائق دلالة صورة المعنى عليه
والحقّ أنَّا مستهترون بتأمل طرائق تأليف وتركيب صور المعاني، أكثر من عنايتنا بتأمل وتدبّرطرائق دلالة تلك الصور على معانيها.
وأنت إذ تنظر في بيان عبد القاهر معنى الفصاحة والبلاغة والبراعة والبيان وما شاكل ذلك تجده قد جعل أصل خصال هذه الحقيقة حسن الدلالة وتمامها، والنَّظرُ في حسن الدلالة نظرٌ في منهاج علم البيان عند المتأخرين.
وأنت إذ تنظر في بيان " الرمانيّ من قبله معنى البلاغة في كتابه (النكت) تجده جاعلا أصل حقيقتها من حسن دلالتها إذ يقول: البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ.
أرأيت إلى قوله (إيصال المعنى إلى القلب) أليس هذا حديثا في الدلالة وليس في الدال أو المدلول؟ ... أليس اسم البلاغة مشتقا من إلإبلاغ الذي هو الإيصال الذي هو الدلالة ... ؟..
نام کتاب : الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن نویسنده : محمود توفيق محمد سعد    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست