responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 617
فَصْلٌ
قَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الدَّلَالَةَ عَلَى جواز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وَذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْ اقْتَضَتْ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَجْوَزُ فَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ; وَلَمَّا نُسِخَ مِنْهَا جَوَازُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] إلَى قَوْلِهِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] نَفَى بِذَلِكَ جَوَازَ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ, وَنَسَخَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} وَبَقِيَ حُكْمُ دَلَالَتِهَا فِي جَوَازِهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ. وَإِذَا كَانَ حُكْمُهَا بَاقِيًا فِي جَوَازِهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ اقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَهَا عَلَيْهِمْ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُجِيزُهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ وَمَنَعَ جَوَازَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ أَجَازَهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيَّ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُجِيزُونَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ فِي السَّفَرِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَشُرَيْحٍ, وَلَا يُجِيزُونَهَا عَلَى الذِّمِّيِّ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ. قِيلَ لَهُ: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَاقِيَةٌ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ. وَقَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَالثَّوْرِيِّ; وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ وَصَالِحُ وَاللَّيْثُ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَجُوزُ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِهَا". وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكُفْرِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ". وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلَالَةِ الْآيَةِ يَقْتَضِي تُسَاوَيْ شَهَادَاتِ أَهْلِ الْمِلَلِ بِقَوْلِهِ تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} يَعْنِي غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَبْدُوءِ بِذِكْرِهِمْ, وَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْمِلَلِ. وَمِنْ حَيْثُ اقْتَضَتْ جَوَازَ شَهَادَةِ أهل

الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْعَزِيمَةُ وَالتَّصْمِيمُ عَلَيْهِ, قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} [المدثر:23] لَمْ يُرِدْ بِهِ الذَّهَابَ إلَى الْمَوْضِعِ, وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّوَلِّيَ عَنْ الْحَقِّ وَالْإِصْرَارَ عَلَيْهِ. وَمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ الْحُكُومَةَ هُنَاكَ وَلَا يُنْكَرُ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ هُنَاكَ أَغْلَظُ, وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" وَلَمْ يُخَصِّصْهَا بِمَكَانٍ; وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ إنْ رَأَى تَغْلِيظَ الْيَمِينِ بِاسْتِحْلَافِهِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ إنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ, وَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ, جَازَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاسْتِحْلَافِ هَذَيْنِ الْوَصِيَّيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْكُفَّارِ يُعَظِّمُونَهُ, وَوَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ.

فَصْلٌ
قَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الدَّلَالَةَ عَلَى جواز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض وَذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْ اقْتَضَتْ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَجْوَزُ فَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ; وَلَمَّا نُسِخَ مِنْهَا جَوَازُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] إلَى قَوْلِهِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] نَفَى بِذَلِكَ جَوَازَ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ, وَنَسَخَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} وَبَقِيَ حُكْمُ دَلَالَتِهَا فِي جَوَازِهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ. وَإِذَا كَانَ حُكْمُهَا بَاقِيًا فِي جَوَازِهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ اقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَهَا عَلَيْهِمْ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُجِيزُهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ وَمَنَعَ جَوَازَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ أَجَازَهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيَّ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُجِيزُونَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ فِي السَّفَرِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَشُرَيْحٍ, وَلَا يُجِيزُونَهَا عَلَى الذِّمِّيِّ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ. قِيلَ لَهُ: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَاقِيَةٌ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ. وَقَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَالثَّوْرِيِّ; وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ وَصَالِحُ وَاللَّيْثُ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَجُوزُ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِهَا". وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْكُفْرِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ". وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلَالَةِ الْآيَةِ يَقْتَضِي تُسَاوَيْ شَهَادَاتِ أَهْلِ الْمِلَلِ بِقَوْلِهِ تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} يَعْنِي غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَبْدُوءِ بِذِكْرِهِمْ, وَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْمِلَلِ. وَمِنْ حَيْثُ اقْتَضَتْ جَوَازَ شَهَادَةِ أهل

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 617
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست