responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 595
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} فَإِنَّهُ قُرِئَ" كَفَّارَةُ" بِالْإِضَافَةِ, وَقُرِئَ بِالتَّنْوِينِ بِلَا إضَافَةٍ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِ الطَّعَامِ, فَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءُ وَمُجَاهِدُ وَمِقْسَمُ: "يُقَوِّمُ الصَّيْدَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ طَعَامًا, فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ". وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً: "يُقَوَّمُ الْهَدْيُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الْهَدْيِ طَعَامًا", وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا, وَالثَّانِي قَوْلُ الشَّافِعِيِّ; وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ, فَلَمَّا كَانَ الْهَدْيُ مِنْ حَيْثُ كَانَ جَزَاءً مُعْتَبَرًا بِالصَّيْدِ إمَّا فِي قِيمَتِهِ أَوْ فِي نَظِيرِهِ; وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِثْلَهُ; لأنه قال: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ} إلى قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} فَجَعَلَ الطَّعَامَ جَزَاءً وَكَفَّارَةً كَالْقِيمَةِ; فَاعْتِبَارُهُ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِهِ بِالْهَدْيِ, إذْ هُوَ بَدَلٌ مِنْ الصَّيْدِ وَجَزَاءٌ عَنْهُ لَا مِنْ الْهَدْيِ. وَأَيْضًا قَدْ اتَّفَقُوا فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ أَنَّ اعْتِبَارَ الطَّعَامِ إنَّمَا هُوَ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ, فَكَذَلِكَ فِيمَا لَهُ نَظِيرٌ; لِأَنَّ الْآيَةَ مُنْتَظِمَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ, فَلَمَّا اتَّفَقُوا فِي أَحَدِهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُ الطَّعَامِ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ كَانَ الْآخَرُ مِثْلَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا أَرَادَ الْإِطْعَامَ اشْتَرَى بِقِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا فَأَطْعَمَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَلَا يُجْزِيهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ, كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةُ الْأَذَى; وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفِ.
وقَوْله تَعَالَى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} , فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَمِقْسَمٍ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: "لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا", وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: "لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا". وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ الْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ فَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ لِأَنَّ "أَوْ" يَقْتَضِي ذَلِكَ, كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} , وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] . وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ رِوَايَةً; وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالسُّدِّيِّ مِثْلُهُ; وَعَنْ إبْرَاهِيمَ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ. وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ, وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى التَّرْتِيبِ زَادَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ, وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلَالَةٍ.
قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} . رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَشُرَيْحٍ: "إنْ عَادَ عَمْدًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَنْتَقِمُ مِنْهُ". وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: "كَانُوا يَسْأَلُونَ هَلْ أَصَبْت شَيْئًا قَبْلَهُ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَحْكُمُوا عَلَيْهِ, وَإِنْ قَالَ لَا حُكِمَ عَلَيْهِ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: "يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَبَدًا". وَسَأَلَ عُمَرَ قَبِيصَةُ بْنَ جَابِرٍ عَنْ صَيْدٍ أَصَابَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ, فَسَأَلَ عُمَرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ أَصَبْت قَبْلَهُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 595
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست