responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 590
اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ حِنْطَةً فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا, وَإِمَّا مِنْ قِيمَتِهِ كَمَنْ اسْتَهْلَكَ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا; وَالْمِثْلُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَلَا قِيمَتِهِ خَارِجٌ عَنْ الْأُصُولِ. وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْمِثْلَ مِنْ جِنْسِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ, فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمِثْلُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ هُوَ الْقِيمَةُ. وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُتَشَابِهًا مُحْتَمِلًا لِلْمَعَانِي وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَى مَعْنَاهُ مِنْ الْمِثْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ, وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] فَلَمَّا كَانَ الْمِثْلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ هُوَ الْقِيمَةُ, وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمِثْلُ الْمَذْكُورُ لِلصَّيْدِ مَحْمُولًا عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمِثْلَ فِي آيَةِ الِاعْتِدَاءِ مُحْكَمٌ مُتَّفَقٌ عَلَى مَعْنَاهُ مِنْهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمِثْلَ اسْمٌ لِلْقِيمَةِ فِي الشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلنَّظِيرِ مِنْ النَّعَمِ, فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَدْ ثَبَتَ اسْمًا لَهُ وَلَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ اسْمٌ لَهُ. وَأَيْضًا قَدْ اتَّفَقُوا أَنَّ الْقِيمَةَ مُرَادَةٌ بِهَذَا الْمِثْلِ فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ, فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقِيمَةَ مُرَادَةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ لَوْ نَصَّ عَلَيْهَا فَلَا يَنْتَظِمُ النَّظِيرُ مِنْ النَّعَمِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْقِيمَةَ مُرَادَةٌ انْتَفَى النَّظِيرُ مِنْ النَّعَمِ لِاسْتِحَالَةِ إرَادَتِهِمَا جَمِيعًا فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ; لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا مِنْ قِيمَةٍ أَوْ نَظِيرٍ مِنْ النَّعَمِ, وَمَتَى ثَبَتَ أَنَّ الْقِيمَةَ مُرَادَةٌ انْتَفَى غَيْرُهَا. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} لَمَّا كَانَ عَامًا فِيمَا لَهُ نَظِيرٌ وَفِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ, ثُمَّ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ} وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمِثْلُ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورِ وَالْقِيمَةُ بِذَلِكَ أَوْلَى; لِأَنَّهُ إذَا حُمِلَ عَلَى الْقِيمَةِ كَانَ الْمِثْلُ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورِ, وَإِذَا حُمِلَ عَلَى النَّظِيرِ كَانَ خَاصًّا فِي بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ; وَحُكْمُ اللَّفْظِ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى عُمُومِهِ مَا أَمْكَنَ ذَلِكَ, فَلِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ أَوْلَى, وَمَنْ اعْتَبَرَ النَّظِيرَ جَعَلَ اللَّفْظَ خَاصًّا فِي بَعْضِ الْمَذْكُورِ دُونَ الْبَعْضِ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ اسْمُ الْمِثْلِ يَقَعُ عَلَى الْقِيمَةِ تَارَةً وَعَلَى النَّظِيرِ أُخْرَى, فَمَنْ اسْتَعْمَلَهُمَا فِيمَا لَهُ نَظِيرٌ عَلَى النَّظِيرِ وَفِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ عَلَى الْقِيمَةِ, فَلَمْ يَخْلُ مِنْ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْمِثْلِ عَلَى عُمُومِهِ إمَّا فِي الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ, بَلْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْقِيمَةِ عَلَى الْخُصُوصِ وَفِي النَّظِيرِ عَلَى الْخُصُوصِ أَيْضًا وَاسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ مَا انْتَظَمَهُ الِاسْمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْلَى مِنْ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى الْخُصُوصِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الْمِثْلُ اسْمٌ لِلنَّظِيرِ وَلَيْسَ بِاسْمٍ لِلْقِيمَةِ, وَإِنَّمَا أُوجِبَتْ الْقِيمَةُ فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ الصَّيْدِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْآيَةِ. قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى الْقِيمَةَ مِثْلًا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 590
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست